مجتهد رأى أن النصوص تربط ملكية الثروات الطبيعية الخام بالعمل، وتنفي تملكها بأي طريقة أخرى سوى العمل، ووجد لهذه النصوص استثناء واحدا في نص يقرر يقرر في بعض المجالات: التملك بطريقة أخرى غير العمل.
إن هذا المجتهد سوف تبدوا له نتائج النصوص ومعطياتها - حسب اجتهاده - قلقة غير متسقة. ومصدر هذا القلق وعدم الاتساق: النص الاستثنائي، إذ لولاه لاستطاع أن يكتشف على أساس مجموع النصوص الأخرى ان الملكية في الإسلام تقوم على أساس العمل. فماذا يصنع هذا المجتهد، وبم يتغلب على التناقض بين موقفيه الاجتهادي والاكتشافي؟.
إن المجتهد الذي يواجه هذا التناقض يحتمل عادة تفسيرين لذلك القلق وعدم الاتساق بين الأحكام التي أدى إليها اجتهاده.
أحدهما: أن بعض النصوص التي مارسها غير صحيحة، كالنص الاستثنائي في الفرضية التي افترضناها مثلا، بالرغم من توفر الشروط التي أمر الإسلام باتباع كل نص تتوفر فيه. وعدم صحة بعض النصوص أدى إلى دخول عنصر تشريعي غريب في المجموعة التي يضمها اجتهاده من أحكام، وأدى بالتالي إلى تنافر تلك الأحكام على الصعيد النظري وفي عملية الاكتشاف.
والتفسير الآخر: أن هذا التنافر المحسوس بين عناصر المجموعة سطحي، وليس له واقع: وإنما نتج إحساس الممارس به عن عدم قدرته على الاهتداء إلى سر الوحدة بين تلك العناصر، وتفسيرها النظري المشترك.
وهنا يختلف موقف الممارس بوصفه مجتهدا يستنبط الأحكام، عن موقفه بوصفه مكتشفا للمذهب الاقتصادي فهو باعتباره مجتهدا يستنبط الأحكام لا يمكنه أن يتخلى في عمله الخاص عن الأحكام التي أدى إليها اجتهاده، وإن بدت له متنافرة على الصعيد النظري، ما دام يحتمل أن يكون مرد هذا التنافر إلى عجزه عن استكناه أسرارها وأسسها المذهبية. ولكن تمسكه بتلك الأحكام لا يعني قطعيتها، بل هي نتائج ظنية، ما دامت تقوم على أساس الاجتهاد الظني الذي يبرر الأخذ بها،