وقد كتب فقيه - معلقا على النص القائل: بأن الأرض إذا لم يعمرها صاحبها أخذها منه ولي الأمر واستثمرها لحساب الأمة: ((إن الأولى عندي ترك العمل بهذه الرواية، فإنها تخالف الأصول والأدلة العقلية)) (1). وهو يعني بالأدلة العقلية: الأفكار التي تؤكد قدسية الملكية. بالرغم من أن قدسية الملكية ودرجة هذه القدسية يجب أن تؤخذ من الشريعة، وأما حين تقرر بشكل مسبق، وبصورة تتيح لها أن تتحكم في فهم النص التشريعي.. فهذا هو معنى الاستنباط في إطار فكري مستعار، وإلا فأي دليل عقلي على قدسية الملكية الخاصة إلا علاقة اجتماعية بين الفرد والمال؟ !. والعلاقة الاجتماعية افتراض واعتبار، يشرعه المجتمع أو أي مشرع آخر لتحقيق غرض معين، فهو لا يدخل في نطاق البحث العقلي المجرد، ولا العقلي التجريبي.
وكثيرا ما نجد بعض الممارسين يستدل في مثل هذا المجال على حرمة انتزاع المال من المالك: بأن قبيح عقلا.. وهو استدلال عقيم، لأن الغصب هو انتزاع المال بدون حق. والشريعة هي التي تحدد ما إذا كان هذا الانتزاع بحق أم لا، فيجب أن نأخذ منها ذلك، دون أن نفرض عليها فكرة سابقة. فإذا قرت: أن الانتزاع بغير حق، كان غصبا، وإذا فرضت لشخص حقا في الانتزاع لم يكن الانتزاع غصبا، وبالتالي لم يكن قبيحا.
وكتب فقيه آخر يستدل على تشريع الملكية الخاصة في الأرض: ((إن الحاجة تدعو إلى ذلك، وتشتد الضرورة اليه، لأن الانسان ليس كالبهائم، بل هو مدني بالطبع، لا بد له من مسكن يأوي إليه، وموضع يختص به، فلو لم يشرع لزم الحرج العظيم، بل تكليف ما لا يطاق)) (2).
وكلنا نعترف طبعا: بوجود الملكية الخاصة في الإسلام، وفي الأرض بوجه خاص أيضا ولكن الشيء الذي لا نقره هو: أن يستمد الحكم في الشرعية الإسلامية من