الاقتصاد الإسلامي، والنظر إلى العناصر الساكنة فيه دون العناصر الحركية.
وثانيا: أن نوعية التشريعات التي ملأ النبي (ص) بها منطقة الفراغ من المذهب، بوصفه مبلغا للاحكام العامة الثابتة، بل باعتباره حاكا ووليا للمسلمين (1). فهي إذن لا تعتبر جزءا ثابتا من المذهب الاقتصادي في الإسلام، ولكنها تلقي ضوءا إلى حد كبير على عملية ملء الفراغ التي يجب أن تمارس في كل حين وفقا للظروف، وتيسر فهم الأهداف الأساسية التي توخاها الفراغ دائما في ضوء تلك الأهداف.
وثالثا: إن المذهب الاقتصادي في الإسلام، يرتبط على هذا الأساس ارتباطا كاملا بنظام الحكم في مجال التطبيق (2)، فما لم يوجد حاكم أو جهاز حاكم يتمتع بنفس ما كان الرسول الأعظم (ص) يتمتع به من الصلاحيات، بوصفه حاكما لا بوصفه نبيا لا يتاح ملء منطقة الفراغ في المذهب الاقتصادي بما تفرضه الأهداف الإسلامية وفقا للظروف، وبالتالي يصبح من المتعذر تطبيق المذهب الاقتصادي كاملا، بنحو نقطف ثماره ونحقق أهدافه.
ومن الواضح أن هذا الكتاب ما دام يبحث في المذهب الاقتصادي، فليس من وظيفته أن يتكلم عن نظام الحكم في الإسلام، ونوعية الشخص أو الجهاز الذي يصح أن يخلف الرسول شرعا في ولايته وصلاحياته، بوصفه حاكما، ولا عن الشروط التي يجب أن تتوفر في ذلك الفرد أو الجهاز.. فان ذلك كله خارج عن الصدد. ولهذا سوف نفترض في بحوث الكتاب حاكما شرعيا، يسمح له الإسلام بمباشرة صلاحيات النبي كحاكم، ونستخدم هذا الافتراض في سبيل تسهيل الحديث عن المذهب الاقتصادي ومنطقة الفارغ فيه، وتصوير ما يمكن أن يحققه من أهداف ويقمه من ثمار.