عملية اجتهاد معقدة لا فهما بسيطا.
ولا نحاول في هذا المجال أن نشير إلى طبيعة هذه العملية وأصولها وقواعدها ومناهجها الفقهية، لأن ذلك كله خارج عن الصدد، وإنما نريد في هذا الضوء أن نقرر حقيقة عن المذهب الاقتصادي، ونحذر من خطر قد يقع خلال عملية الاكتشاف.
أما الحقيقة فهي: أن الصورة التي نكونها عن المذهب الاقتصادي، لما كانت متوقفة على الأحكام والمفاهيم، فهي انعكاس لاجتهاد معين، لأن تلك الأحكام والمفاهيم التي تتوقف عليها الصورة نتيجة لاجتهاد خاص في فهم النصوص، وطريقة تنسيقها والجمع بينها. ما دامت الصورة التي نكونها عن المذهب الاقتصادي اجتهادية. فليس من الحكم أن تكون هي الممكن لمفكرين إسلاميين مختلفين. أن يقدموا صورا مختلفة للمذهب الاقتصادي في الإسلام وأقرها، ووضع لها مناهجها وقواعدها. وهكذا تكون الصورة إسلامية ما دامت نتيجة لاجتهاد جائز شرعا، بقطع النظر عن مدى انطباقها على واقع المذهب الاقتصادي في الإسلام.
هذه هي الحقيقة. وأما الخطر الذي يحف بعملية الاكتشاف، القائمة على أساس الاجتهاد من فهم الأحكام والمفاهيم في النصوص.. فهو خطر العنصر الذاتي، وتسرب الذاتية إلى عملية الاجتهاد، لأن عملية الاكتشاف كلما توفرت فيها الموضوعية أكثر، وابتعدت عن مظان العطاء الذاتي كانت أدق وأنجح في تحقيق الهدف. وأما إذا أضاف الممارس خلال عملية الاكتشاف، وفهم النصوص شيئا من ذاته وساهم في العطاء، فإن البحث يفقد بذلك أمانته الموضوعية، وطابعه الاكتشافي الحقيقي.
ويشتد الخطر ويتفاقم، عندما تفصل بين الشخص الممارس والنصوص التي