ولكي نشرح وجهة نظر الإسلام عن المبادلة لابد لنا أن نعرف رأي الإسلام في السبب الأساسي الذي جعل من المبادلة أداة ظالمة للاستغلال، وما هي النتائج التي تمخض عنها. ثم ندرس الحلول التي تقدم بها الإسلام للمشكلة، وكيف أعطى للمبادلة صيغتها العادلة وقوانينها التي تواكب أغراضها الرشيدة في الحياة؟؟
وقبل كل شيء يجب أن نلاحظ أن للمبادلة شكلين:
أحدهما: المبادلة على أساس المقايضة.
والآخر: المبادل على أساس النقد.
فالمبادلة على أساس المقايضة: مبادلة سلعة بأخرى وهذا الشكل هو أسبق أشكال المبادلة تاريخيا، فقد كان كل منتج - في المجتمعات الآخذة بالتخصيص وتقسيم العمل - يحصل على السلع التي لا ينتجها نظير الفائض من السلعة التي اختص بإنتاجها. فمن ينتج مائة كيلو من الحنطة يحتفظ بنصف المبلغ مثلا لإشباع حاجته، ويستبدل خمسين كيلو من الحنطة بمبلغ معين من القطن الذي ينتجه غيره.
ولكن هذا الشكل من المبادلة (المقايضة)، لم يستطع أن ييسر التداول في الحياة الاقتصادية، بل أخذ يزداد صعوبة وتعقيدا على مر الزمن كلما ازداد التخصص وتنوعت الحاجات، لأن المقايضة تضطر منتج الحنطة أن يجد حاجته من القطن عند شخص يرغب في الحصول على الحنطة، وأما إذا كان صاحب القطن بحاجة إلى فاكهة لا إلى حنطة، وليس لدى صاحب الحنطة فاكهة.. فسوف يتعذر على صاحب الحنطة أن يحصل على حاجته من القطن. وهكذا تتولد الصعوبات من ندرة التوافق بين حاجة المشتري وحاجة البائع.
أضف إلى ذلك صعوبة التوافق بين قيم الأشياء المعدة للمبادلة. فمن كان يملك فرسا لا يستطيع أن يحصل عن طريقها على دجاجة، لأن قيمة الدجاجة أقل من قيمة الفرس، وهو غير مستعد بطبيعة الحال للحصول على دجاجة واحدة نظير فرس