هو: علم قوانين الإنتاج. والمذهب الاقتصادي هو: فن توزيع الثروة. وكل بحث يتعلق بالإنتاج وتحسينه وإيجاد وسائله وتحسينها فهو من علم الاقتصاد، وذو صفة عالمية لا تتفاوت فيه الأمم تبعا لاختلاف مبادئها ومفاهيمها الاجتماعية، ولا يختص به مبدأ دون مبدأ. وكل بحث يبين الثروة وتملكها والتصرف فيا فهو بحث مذهبي، ومن النظام الاقتصادي وليس من علم الاقتصاد ولا يرتبط به، وإنما يرتبط بإحدى وجهات النظر في الحياة التي تتبعناها المذاهب المختلفة من رأسمالية واشتراكية وإسلام.
وهذا الفصل بين العلم والمذهب - علم الاقتصاد والمذهب الاقتصادي - على أساس اختلاف المجال الذي يمارسه أحدهما عن مجال الآخر. ينطوي على خطأ كبير، لأنه يؤدي إلى اعتبار الصفة المذهبية والصفة العلمية نتيجتين لنوعية المجال المدروس. فإذا كان البحث في الإنتاج فهو بحث علمي، وإذا كان في التوزيع فهو بحث مذهبي. مع أن العلم والمذهب مختلفان في طريقة البحث وأهدافه، لا في موضوعه ومجالاته. فالبحث المذهبي يظل مذهبيا ومحافظا على طابعه ما دام يلتزم طريقته وأهدافه الخاصة، ولو تناول الإنتاج نفسه. كما أن البحث العلمي لا يفقد طبيعته العملية إذا تكلم عن التوزيع ودرسه بالطريقة والأهداف التي تتناسب مع العلم.
ولأجل ذلك نجد أن فكرة التخطيط المركزي للإنتاج - التي تتيح للدولة الحق في وضع سياسة الإنتاج والإشراف عليه - هي إحدى النظريات. المذهبية المهمة، التي تعتبر من مقومات بعض المذاهب أو الأنظمة الاشتراكية، أو ذات الاتجاه الاشتراكي، مع أننا نعلم أن التخطيط المركزي للإنتاج والسماح لهيئة عليا كالدولة بممارسة هذا التخطيط. لا يعني تملك تلك الهيئة لوسائل الإنتاج، ولا يتصل بمسألة توزيع هذه الوسائل على الأفراد.
ففكرة التخطيط المركزي للإنتاج إذن فكرة مذهبية، تتصف بالمذهب الاقتصادي، وليست بحثا علميا بالرغم من أنها تعالج الإنتاج لا التوزيع.
وعلى العكس قد نجد كثيرا من الأفكار التي تعالج قضايا التوزيع تندرس في علم الاقتصاد، بالرغم من صلتها بالتوزيع دون الإنتاج ف - (ريكاردو) حين كان يقرر مثلا