وهكذا يمكن أن يتكون للاقتصاد الإسلامي علم - بعد أن يدرس دراسة مذهبية شاملة. من خلال دراسة الواقع في هذا الإطار - والسؤال هو: متى وكيف يمكن وضع علم الاقتصاد الإسلامي، كما وضع الرأسماليون علم الاقتصاد السياسي، أو بتعبير آخر علم الاقتصاد الذي يفسر أحداث المجتمع الرأسمالي؟؟.
والجواب على هذا السؤال: أن التفسير العلمي لأحداث الحياة الاقتصادية يرتكز على أمرين:
الأول: جميع الأحداث الاقتصادية من التجربة الواقعية للحياة وتنظيمها تنظيما علميا يكشف عن القوانين التي تتحكم بها في مجال تلك الحياة، وشروطها الخاصة.
الثاني: البدء في البحث العلمي من مسلمات معينة تفترض افتراضا، ويستنتج في ضوئها الاتجاه الاقتصادي ومجرى الأحداث. أما التفسير العلمي على الأساس الأول، فهو يتوقف على تجسيد المذهب في كيان واقعي قائم، ليتاح للباحث أن يسجل أحداث هذا الواقع، وستخلص ظواهرها وقوانينها العامة. وهذا ما ظفر به الاقتصاديون الرأسماليون، حين عاشوا في مجتمع يؤمن بالرأسمالية ويطبقها، فأتيح لهم أن يضعوا نظرياتهم على أساس تجارب الواقع الاجتماعي التي عاشوها. ولكن شيئا كهذا لا يتاح للاقتصاديين الإسلاميين، ما دام الاقتصاد الإسلامي بعيدا عن مسرح الحياة، فهم لا يملكون من حياتهم اليوم تجارب عن الاقتصاد الإسلامي خلال التطبيق، ليدركوا في ضوئها طبيعة القوانين التي تتحكم في حياة تقوم على أساس الإسلام.
وأما التفسير العلمي على الأساس الثاني فمن الممكن استخدامه في سبيل توضيح بعض الحقائق التي تتميز بها الحياة الاقتصادية في المجتمع الإسلامي، بالانطلاق من نقاط مذهبية معينة، واستنتاج آثارها في محال التطبيق المفترض، ووضع نظيرات عامة عن الجانب الاقتصاد في المجتمع الإسلامي على ضوء تلك النقاط المذهبية.