وثالثا: إن الدين الحنيف الذي فطرت الانسانية عليه يتميز بكونه دينا قيما على الحياة (ذلك الدين القيم)، قادرا على التحكم فيها وصياغتها في إطاره العام. وأما الدين الذي لا يتولى إمامة الحياة وتوجيهها، فهو لا يستطيع أن يستجيب استجابة كاملة للحاجة الفطرية في الانسان، إلا الدين، ولا يمكنه أن يعالج المشكلة الأساسية في حياة الإنسان.
ونخلص من ذلك إلى عدة مفاهيم للإسلام عن الدين والحياة.
فالمشكلة الأساسية في حياة الانسان نابعة من الفطرة.
لأنها مشكلة الدوافع الذاتية في اختلافاتها وتناقضاتها مع المصالح العامة. والفطرة في نفس الوقت تمون الانسانية بالعلاج.
وليس هذا العلاج إلا الدين الحنيف القيم، لأنه وحده القادر على التوفيق بين الدوافع الذاتية، وتوحيد مصالحها ومقاييسها العملية.
فلابد للحياة الاجتماعية إذن من دين حنيف قيم.
ولابد للتنظيم الاجتماعي في مختلف شعب الحياة أن يوضع في إطار ذلك الدين، القادر على التجاوب مع الفطرة ومعالجة المشكلة الأساسي في حياة الانسان.
وفي هذا الضوء نعرف أن الاقتصاد الإسلامي بوصفه جزءا من تنظيم اجتماعي شامل للحياة، يجب أن يندرج ضمن الإطار العام لذلك التنظيم، وهو الدين، فالدين هو الإطار العام لاقتصادنا المذهبي (1).
ووظيفة الدين - بوصفه إطارا للتنظيم الاجتماعي والاقتصادي في الإسلام - أن يوفق بين الدوافع الذاتية والمصالح الخاصة من ناحية، والمصالح الحقيقية العامة للمجتمع الإنساني - من وجهة رأي الإسلام - من ناحية أخرى.