الإسلامي، ومن النقاط المهمة للخلاف بين الماركسية والإسلام بوجه عام.
فالاقتصاد الماركسي يرى: أن كل تطور في عمليات الإنتاج وأشكاله، يواكبه تطور حتمي في العلاقات الاجتماعية عامة وعلاقات التوزيع خاصة، فلا يمكن أن يتغير شكل الإنتاج وتظل العلاقات الاجتماعية محتفظة بشكلها القديم، كما لا يمكن أيضا أن تسبق العلاقات الاجتماعية شكل الإنتاج في تطورها. وتستخلص الماركسية من ذلك: أن من المستحيل أن يحتفظ نظام اجتماعي واحد بوجوده على مر الزمن، أو أن يصلح للحياة الإنسانية في مراحل متعددة من الإنتاج، لأن أشكال الإنتاج تتطور خلال التجربة البشرية دائما وتتطور وفقا لها العلاقات الاجتماعية فالنظام الذي يصلح لمجتمع الكهرباء والذرة غير النظام الذي كان يصلح لمجتمع الصناعة اليدوية، ما دام شكل الإنتاج مختلفا في المجتمعين. وعلى هذا الأساس تقدم الماركسية المذهب الاشتراكي، باعتباره العلاج الضروري للمشكلة الاجتماعية في مرحلة تاريخية معينة، وفقا لمقتضيات الشكل الجديد للإنتاج في تلك المرحلة.
وأما الإسلام فهو يرفض هذه الصلة الحتمية المزعومة، بين تطور الإنتاج وتطور النظام الاجتماعي، ويرى أن للإنسان حقلين: يمارس في أحدهما عمله مع الطبيعة، فيحاول بمختلف وسائله أن يستثمرها ويسخرها لإشباع حاجاته، ويمارس في الآخر علاقاته مع الأفراد الآخرين في شتى مجالات الحياة الاجتماعية. وأشكال الإنتاج هي حصيلة الحقل الأول، والأنظمة الاجتماعية هي حصيلة الحقل الثاني. وكل من الحقلين - بوجوده التاريخي - تعرض لتطورات كثيرة في شكل الإنتاج أو في النظام الاجتماعي، ولكن الإسلام لا يرى ذلك الترابط المحتوم بين تطورات أشكال الإنتاج وتطورات النظم الاجتماعية. ولأجل ذلك فهو يعتقد أن بالإمكان أن يحتفظ نظام اجتماعي واحد، بكيانه وصلاحيته على مر الزمن مهما اختلفت أشكال الإنتاج (1).
وعلى أساس هذا المبدأ (مبدأ الفصل بين النظام الاجتماعي وأشكال الإنتاج)، يقدم الإسلام نظامه الاجتماعي بما فيه مذهبه الاقتصادي، بوصفه نظاما إجتماعيا