صلاحا للأمة في كل مراحل إنتاجها، وقادرا على إسعادها حين تمتلك سر الذرة، كما كان يسعدها يوم كانت تفلح الأرض بيدها.
ومرد هذا الاختلاف الأساسي بين الماركسية والإسلام في نظرتهما نحو النظام الاجتماعي، إلى اختلافهما - بوجه عام - في تفسير الحياة الاجتماعية التي يتكفل النظام الاجتماعي بتنظيمها وضبطها. فالحياة الاجتماعية للانسان وليدة القوى المنتجة في رأي الماركسية، لأن قوى الإنتاج هي القاعدة الأساسية والعامل الأول في تاريخ الإنسان كله، فإذا تغير شكل القوى المنتجة كان طبيعيا أن يتغير تبعا لذلك شكل الحياة الاجتماعية، الذي يعبر عنه النظام الاجتماعي السائد، ويولد نظام جديد يساير الشكل الجديد للإنتاج.
وفي دراستنا السابقة للمادية التاريخية، ونقدنا الموسع لمفاهيمها عن التاريخ ما يغنينا عن التعليق في هذا المجال ، فقد برهنا بكل وضوح على أن القوى المنتجة ليست هي العامل الأساسي في التاريخ.
وأما في ضوء الإسلام، فليست الحياة الاجتماعية بأشكالها نابعة من الأشكال المتنوعة للإنتاج، وإنما هي نابعة من حاجات الانسان نفسه، لأن الإنسان هو القوة المحركة للتاريخ لا وسائل الإنتاج، وفيه نجد ينابيع الحياة الاجتماعية. فقد خلق الانسان مفطورا على حب ذاته والسعي وراء حاجاته، وبالتالي استخدام كل ما حوله في سبيل ذلك، وكان من الطبيعي أن يجد الانسان نفسه مضطرا إلى استخدام الانسان الآخر في هذا السبيل أيضا، لأنه لا يتمكن من إشباع حاجاته إلا عن طريق التعاون مع الأفراد الآخرين، فنشأت العلاقات الاجتماعية على أساس تلك الحاجات، واتسعت تلك العلاقات ونمت باتساع تلك الحاجات ونموها، خلال التجربة الحياتية الطويلة للانسان. فالحياة الاجتماعية إذن وليدة الحاجات الانسانية، والنظام الاجتماعي هو الشكل الذي ينظم الحياة الاجتماعية وفقا لتلك الحاجات الإنسانية. ونحن إذا درسنا الحاجات الانسانية، وجدنا أن فيها جانبا رئيسيا ثابتا على مر