{يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم. فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره. ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} (1) {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون} (2) {ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون} (3).
هذه صور رائعة يقدمها الدين في نصوص القرآن ليربط بين الدوافع الذاتية وسبل الخير في الحياة ويطور من مصلحة الفرد تطويرا يجعله يؤمن بأن مصالحه الخاصة والمصالح الحقيقية العامة للانسانية التي يحددها الإسلام مترابطتان.
فالدين إذن هو صاحب الدور الأساسي في حل المشكلة الاجتماعية، عن طريق تجنيد الدافع الذاتي لحساب المصلحة العامة.
وبهذا نعرف أن الدين حاجة فطرية للانسانية، لأن الفطرة ما دامت هي أساس الدوافع الذاتية التي نبعت منها المشكلة فلابد أن تكون قد جهزت بإمكانات لحل المشكلة أيضا، لئلا يشذ الانسان عن سائر الكائنات التي زودت فطرتها جميعا بالإمكانات التي تسوق كل كائن إلى كماله الخاص. وليست تلك الامكانات التي تملكها الفكرة الانسانية لحل المشكلة إلا غريزة التدين والاستعداد الطبيعي لربط الحياة بالدين وصوغها في إطاره العام.
فللفطرة الانسانية إذن جانبان: فهي من ناحية تملي على الانسان دوافعه الذاتية. التي تنبع منها المشكلة الاجتماعية الكبرى في حياة الانسان (مشكلة التناقض بين