كالرأسمالية (1).
ونحن حين نقول عن الاقتصاد الإسلامي أنه ليس علما نعني أن الإسلام دين يتكفل الدعوة إلى تنظيم الحياة الاقتصادية كما يعالج سائر نواحي الحياة وليس علما اقتصاديا على طراز علم الاقتصاد السياسي، وبمعنى آخر: هو ثورة لقلب الواقع الفاسد وتحويله إلى واقع سليم، وليس تفسيرا موضوعيا للواقع. فهو حينما يضع مبدأ الملكية المزدوجة مثلا، لا يزعم بذلك أنه يفسر الواقع التاريخي لمرحلة معينة من حياة الانسانية، أو يعكس نتائج القوانين الطبيعة للتاريخ، كما تزعم الماركسية حين تبشر بمبدأ الملكية الاشتراكية، بوصفه الحالة الحتمية لمرحلة معينة من التاريخ والتفسير الوحيد لها.
فالاقتصاد الإسلامي من هذه الناحية يشبه الاقتصاد الرأسمالي المذهبي، في كونه عملية تغيير الواقع لا عملية تفسير له. فالوظيفة المذهبية تجاه الاقتصاد الإسلام يهي: الكشف عن الصورة الكاملة للحياة الاقتصادية وفقا للتشريع الإسلامي، ودرس الأفكار والمفاهيم العامة التي تشع من وراء تلك الصورة كفكرة انفصال شكل التوزيع عن نوعية الإنتاج، وما إليها من أفكار.
وأما الوظيفة العلمية تجاه الاقتصاد الإسلامي فيأتي دورها بعد ذلك، لتكشف عن مجرى الحياة الواقعي وقوانينه، ضمن مجتمع إسلامي يطبق فيه مذهب الإسلام تطبيقا كاملا. فالباحث العلمي يأخذ الاقتصاد المذهبي في الإسلام قاعدة ثابتة للمجتمع، الذي يحاول تفسيره وربط الأحداث فيه بعضها ببعض. فهو في هذا تنظير الاقتصاد السياسي لعلماء الاقتصاد الرأسماليين، الذين فرغوا من وضع خطوطهم المذهبية، ثم بدأوا يفسرون الواقع ضمن تلك الخطوط، ويدرسون طبيعة القوانين التي تتحكم في الواقع ضمن تلك الخطوط، ويدرسون طبيعة القوانين التي تتحكم في المجتمع الذي تطبق عليه، فنتج عن دراستهم هذه علم الاقتصاد السياسي.