يمكن في فصال وسائل الإنتاج عن المنتجين، وتجريدهم منها بالقوة، واختصاص التجاريين بها. وهكذا بدأ هذا المفكر الكبير، وكأنه لم يدرك الفرق المعنوي بين المقدمات التي ساقها، والنتيجة التي انتهى إلى التأكيد عليها. فإن تلك المقدمات التي ساقها، والنتيجة التي انتهى إلى التأكيد عليها. فإن تلك المقدمات كانت تعني: أن عدم وجود الوسائل المنتجة عند جماعات من القادرين على العمل، ووجودها عند التجاريين، هو الشرط الأساسي لوجود الرأسمالية، وهذا يختلف عن النتيجة التي انتهى إليها أخيرا، والتي فسرت عدم وجود الوسائل لدى الأجراء: بتجريدهم منها وانتزاعها منهم بالقوة. فهذا التجريد والتنازع إذن إضافة جديدة تماما لا تتضمنها المقدمات التحليلية التي ساقها، ولا يمكن أن يستنتج منطقيا من تحليل جوهر النظام الرأسمالي، والعلاقات المحددة فيه بين المالك والأجير.
وقد تقول الماركسية تعليقا على ما قلناه: صحيح إن النظام الرأسمالي إنما يتوقف فقط على عدم وجود الوسائل المنتجة عند العمال، وتوفرها عند التجاريين. ولكن كيف نفسر ذلك؟ ولماذا لم توجد الوسائل المنتجة عند العمال ووجدت عند التجاريين، لو لم تقم حركة تجريد العمال من وسائلهم المنتجة، واغتصابها لحساب التجاريين؟!
وردنا على هذا القول يتلخص في وجوه:
فأولا: إن هذا الوصف لا ينطبق على المجتمعات، التي قامت فيها الرأسمالية على أكتاف الطبقة الاقطاعية، كما اتفق في ألمانيا مثلا، إذ قام عدد كبير من الإقطاعيين بتشييد المصانع ومباشرة إدارتها، وتمويلها بما كانوا يحصلون عليه من ريع إقطاعي. فليس من الضروري أن يحدث التحول من الإقطاع إلى الرأسمالية، على إثر حركة اغتصاب جديد، ما دام يمكن للاقطاعيين أنفسهم أن يباشروا الإنتاج الرأسمالي، على أساس ما يملكون من ثروات إقطاعية، تم لهم استملاكها في مطلع التاريخ الإقطاعي.
وكما لا ينطبق الوصف الماركسي على الرأسمالية الصناعية، التي نشأت على أكتاف الطبقة الاقطاعية، كذلك لا ينطبق على الرأسمالية الصناعية، التي تكونت