في أشخاص أولئك الفلاحين الذي لفظهم الريف، فنزحوا إلى المدينة؟. ولهذا حاول أن يعالج المشكلة من جديد، في الفصل الحادي والثلاثين من رأس المال. فلم يكتف في تفسير التراكم بظروف الرأسمالية أو التجارية أو الربوية، التي أدت إلى تجمع ثروات ضخمة لدى التجار والربويين، لأنه لا يزال مصرا على أساس التراكم هو اغتصاب وسائل الإنتاج، والشروط المادية من المنتجين ولأجل هذا اتجه في تفسير التراكم الرأسمالي إلى القول:
((أن اكتشاف مناطق الذهب والفضة في أميركة، وتحويل سكان البلاد الأصليين إلى حياة الرق، ودفنهم في المناجم أو إبادتهم وبدايات الفتح والنهب لجزر الهند الشرقية، وتحويل إفريقيا إلى نوع من الجحور التجارية لاصطياد الزنوج، هذه هي الطرائق ((الغزلية البريئة)) للتراكم الأولي، التي تبشر بالعهد الرأسمالي بعامل القوة، ومرة أخرى نجد ماركس يفسر ظهور المجتمع الرأسمالي بعامل القوة، بالغزو والنهب والاستعمار، بالرغم من أنها عناصر ليست ماركسية بطبيعتها، لأنها لا تعبر عن قيم اقتصادية، وإنما تعبر عن القوة السياسية والعسكرية.
ومن الطريف أن تناقض الماركسية في هذه النقطة، تبعا لما يتفتق ذهنها عنه من أسلوب للتخلص من المأزق فنجد رجل الماركسية الأول بعد أن اضطر إلى تفسير نشوء الكيان الرأسمالي في المجتمع بعامل القوة يقول:
((فالقوة هي المولد لكل مجتمع قديم آخذ في العمل، إن القوة هي عامل اقتصادي)) (2).
وهو يريد بهذا التمديد في مفاهيم الأوضاع والتوسع فيها، إعطاء العامل الاقتصادي مدلولا لا يضيق عن استيعاب كل العوامل، التي يضطر إلى الاستناد إليها في تحليله.