بحث الأحكام الوضعية من الأصول فراجع (1). واعتبار الملكية لا يحتاج إلا إلى طرف في أفق الاعتبار وهو كما يمكن أن يكون عينا موجودة في الخارج كذلك يمكن أن يكون كليا في الذمة بل ربما يكون أوسع من ذلك كما في اعتبار الملكية لكلي الفقير والسيد في الزكاة والخمس، ومن الواضح أن المنافع وإن كانت معدومة في الخارج لكنها مقدرة الوجود بتبع وجود العين القابلة لاستيفاء المنافع منها.
ويندفع التوهم الثاني بأن سكنى الدار كما هو مبدأ لعنوان السكانية المنتزع من ذات الساكن كذلك هو مبدأ لعنوان المسكونية المنزع من الدار كما في كل عنوانين متضايفين فما هومن شؤون الدار وحيثياتها الموجودة بوجودها هي حيثية المسكونية لا حيثية الساكنية التي هي من أعراض المستأجر.
غاية الأمر أن حيثية المسكونية وجودها بوجود الدار على حد وجود المقبول بوجود القابل وفعليتها بفعلية مضائفها القائم بالمستأجر في مقام الاستيفاء، وشؤون العين قابلة لعروض الملكية لها كنفس العين مع أنه يمكن أن يقال إن حقيقة السكنى المبدئي وإن كانت عين الكون في الدار وهو عرض لذات الكائن لا للدار، نعم الكون الأيني من الأعراض النسبية التي لها نسبة غير نسبتها إلى موضوعها، إلا أن هذا العرض حيث إن له نسبة إلى الدار يكون زمام أمره بيد مالك الدار ولا نعني بالملكية إلا ذلك.
وأما جعل الإجارة كما قيل تمليكا للعين في جهة خاصة في مدة مخصوصة وأنه معنى تمليك المنفعة ففيه أن معروض الملكية إن كان نفس تلك الجهة عاد محذور تعلق الملكية بالمنفعة وإن كان هي العين المخصصة بجهة والعين المتحيثة بحيثية مخصوصة بما هي مقيدة بها لزم اجتماع ملكين استقلاليين على عين واحدة، وتقيدها بالجهة تارة وإطلاقها أخرى لا يوجب تعدد الموضوع، والالتزام بخروجها موقتا لا يمكن مع نفوذ بيعه له وسائر الآثار المترتبة على ملك المؤجر لها كما لا يخفى.