فمفهوم الإجارة عنده " قدس سره " جعل العين بالأجرة وهي إضافة خاصة في قبال إضافة الملكية. ويندفع بأن الأجرة لا تكون إلا في قبال العمل والمنفعة كالثمن في قبال العين فلا محالة يراد جعل العين بالأجرة في قبال منفعتها. ومقتضى المقابلة والمعاوضة ملكية المنفعة للمستأجر كملكية المؤجر للأجرة فيكون الفرق بين المشهور وبينه " قدس سره " أن تمليك المنفعة مدلول مطابقي للإجارة عند المشهور، ومما يتضمنه مفهوم الإجارة على ما أفاده " قدس سره ". نعم في عدم صحة إسناد الإجارة إلى المنفعة مع كونها بإزاء الأجرة خفاء.
وغاية ما يتخيل في وجهه أن مجرد المقابلة بين المنفعة والأجرة لا يصحح إسناد عنوان اشتقاقي من الإجارة إليها فإن مصححه هو قيام المبدأ بما يوصف به أو يسند إليه. والأجير هو العامل لا العمل وإن كانت الأجرة بإزاء العمل كما أن الثواب بإزاء العمل والمثاب هو العامل دون العمل وليس قيام الأجرة بالعامل من باب ملكه للأجرة فإنه ربما يكون المالك غيره كما إذا آجر المولى عبده فإن الأجير هو العبد ومالك الأجرة مولاه، فتأمل.
(ثانيهما) أن المنفعة غير قابلة للمملوكية إما لما توهم من أن المنفعة معدومة حال الإجارة والمعدوم لا يملك. وإما لما عن بعض من عاصرناه من أهل التدقيق من أن منفعة الدار سكناها وهي من أعراض الساكن لا من أعراض الدار وعرض الساكن لو كان مملوكا لكان لموضوعه لا لغيره ومتى لم يملكه المؤجر فكيف يملكه المستأجر، ولذا ذهب إلى أن الإجارة تمليك العين في جهة خاصة في مدة مخصوصة في قبال البيع الذي هو تمليك العين من جميع الجهات من دون تقيدها بجهة ولا بمدة وتبعه في ذلك بعض الأجلة " رحمه الله ".
ويندفع التوهم الأول بما حققناه في محله من أن الملكية الشرعية ليست من المقولات الواقعية حتى يتوقف العرض منها على موضوع محقق في الخارج بل من الاعتباريات بمعنى اعتبار معنى مقولي فالمعنى المقولي موجود بوجوده الاعتباري لا بوجوده الحقيقي المتوقف على موضوع محقق خارجا وقد أقمنا البراهين القاطعة عليه في