بالعوض، ومن المسلم عندهم أنه ليس في البيع بالثمن المؤجل ولا في الإجارة بالأجرة المؤجلة تعليق في تمليك العوض ولا تقييد في المملوك بالأجل، لما في الأول من التعليق في العقود الممنوع عنه فيها ولما في الثاني من عدم قبول الأعيان للتحدد بالزمان فلا معنى للدرهم الغدى بحيث يكون ظرفا لنفسه نظير الواجب المعلق فإذا لم يكن تعليق ولا تقييد في المؤجل فلا معنى لاطلاق العقد من حيث مدلوله لنفي التعليق والتحديد في ما لم يؤخذ فيه أجل و (منها) إن منشأ وجوب التسليم عند المطالبة أحد أمرين:
الأول: عموم " الناس مسلطون على أموالهم " (1) لأن سلطان الغير على الامتناع مع مطالبة المالك مناف لسلطان مالكه فوجوب التسليم حينئذ من لوازم الملك الذي هو مدلول العقد كما أن شرط التأجيل تقييد من المالك لسلطانه على ماله فالعقد يدل بالمطابقة على المالك وبالالتزام على وجوب التسليم عند المطالبة إلا أن لازم هذا الوجه عدم جواز امتناع كل من المالكين مع امتناع الآخر، لأن ظلم أحد ومعصيته لما يجب عليه لا يسوغ ظلم الآخر ومعصيته.
الثاني: الالتزام الضمني بالتسليم بإزاء التسليم المستكشف ببناء العقلاء في باب المعاوضات، فإن بناءهم على التمليك بإزاء التمليك والتسليط الفعلي بإزاء التسليط الفعلي على ما أوضحنا حال في مباحث القبض من التعليقة على الخيارات (2) ولذا لكل منهما الامتناع من التسليم مع امتناع الآخر وعدم استحقاق الامتناع مع بذل الآخر إلى غير ذلك من فروعه، والتأجيل يقيد هذا المعنى وينتفي معه الالتزام المضنى المزبور فيبقى عموم دليل السلطنة بالإضافة إلى الآخر على حاله، فاطلاق العقد في قبال هذا التقييد بالنظر إلى ما اشتمل عليه من الالتزام بالتسليم المعاوضي يقتضي استحقاق التسليم حالا.