قالوا هذا وفي الوقت نفسه زعموا أن الإنسان جسم بلا روح، وأنه تراب يتحرك، تماما كالهوام والحشرات!!.. أما العلم والإرادة والحرية، أما التضحية والإنسانية العبقرية، أما الإبداع والابتكار، أما حب الحق والخير والجمال فكلام فارغ..
ونحن لا نجانب الصواب إذا قلنا هذا الكلام فارغ، تماما كأدمغة الجاحدين.. ثم نسأل الماديين: هل أنكرتم الروح بوصفكم أرواحا أو بوصفكم أشباحا؟ فإن قالوا: بالأول ناقضوا أنفسهم بأنفسهم، وإن قالوا بالثاني أعدنا السؤال: هل تشك بالأشباح وتنكر؟!.
وصدق الله العظيم، حيث وصف المنافقين بقوله: (وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع كأنهم خشب مسندة).
وأيضا هل يوجد كائن غير الإنسان يتفلسف، ويتخذ نفسه بنفسه محلا للبحث والدرس والنزاع والصراع في أنه مادة بلا روح، أو روح بلا مادة، أو هما معا، أو هو شئ لا تعرف حقيقته؟! (الأول قول الماديين، والثاني قول المثاليين، والثالث قول العارفين، والرابع قول اللاأدريين).
ثم لماذا يغضب الماديون إذا شبهوا بالحيوانات ما داموا لا يمتازون عنها إلا في الشكل والهيئة؟! ولماذا يحاولون تبرير أقوالهم بمنطق العقل مع أنه لا وجود للعقل بزعمهم؟! وبماذا يميزون بين الصدق والكذب، والحق والباطل والعلم والجهل، ما داموا أشباحا بلا أرواح، وأجساما بلا عقول؟! قال العلماء: إن الحيوان يعيش في اللحظة التي هو فيها، ولا ينظر إلى المستقبل ولا يتأثر في سلوكه بأصداء الماضي.
وقال الماديون: إن الإنسان كالحيوان، ولا فرق بينهما إلا أن هذا يمشي على أربع، وذاك على رجلين. كلا، ثم كلا، إن الإنسان يعلو على الحيوان، ويسخره لصالحه بدليل أنه يحتج بالمنطق السليم على من ساوى بين