1 - أما الحب فعاطفة فطرية أوجدتها القدرة الربانية في قلب الولد فإن لم يشعر الولد في دور الطفولة بأنه منجذب بميل طبيعي لمحبة والديه المملؤين عطفا وحنانا عليه، فلا شك أنه يشعر بذلك إذا شب، وكلما نما ازداد إدراكه وشعوره بالمحبة، حتى إذا بلغ أشده تحولت محبته لأهله شفقة، فيعمل لسعادتهم كما كانوا هم يعملون لسعادته.
2 - أما شكره لهما فيجب أن لا يحده حد، ولا يحصيه عد، لأنهما سبب وجوده في الحياة الدنيا، وهما اللذان ربياه، وأحباه حبا جما، واشتغلا من أجله، وكابدا الآلام في سبيل راحته، وسهرا على حياته، وأقل ثمن لذلك الشكر، وعليه أن يقرن هذا الشكر بالعمل لنفعهما، وتخفيف أعباء الحياة عنهما فهو عدتهما في الحياة، وفلذة كبدهما، وموضع هنائهما، ومحل عنايتهما.
وأن يكون أداءه حق الشكر، وقيامه بمفروض حق العمل، بلا من ولا ضجر، بل بالعطف والصبر، لأن أداء هذا لا يعادل ما صادفاه من المشاق العظيمة في ترتبيته منذ ولد إلى أن صار شابا يكسب المال بجده ونشاطه، بفضل رضائهما وحبهما ودعائهما، وتثقيفهما عقله بالعلم والأدب. فيجب عليه أن يعاملهما بالبر والإحسان عملا بقوله تعالى:
" وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما وقولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ".
وقال تعالى: " ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها ".
وقال رسول الله (ص): " بر الوالدين أفضل من الصلاة، والصدقة والصوم والحج، والعمرة، والجهاد في سبيل الله ".