أهداف روحية، ومقاييس لمعاني العرض والعفة، وصار لكل منهم حريته الواسعة في حياته الخاصة يفعل فيها ما يريد، دون رقابة من قانون أو تحرج من عرف، بل يفعل ما يريد بتحريض من العرف، وعطف من المجتمع.
وكان من ذلك أن تفجرت الشهوات وسادت عبادة الجنس، وراح جنون اللذة يستبد بألباب كثير من أفراد تلك المجتمعات، فرأوا في الزواج قيدا يحد من حرياتهم في ابتغاء ما يريدون، فنبذوا حياة الأسرة وركنوا إلى المخالة والمخادنة، كلما فترت رغبة أحدهم في خليلة، أو فترت رغبتها هي فيه انصرف كل منهما عن صاحبه إلى حيث يجد اللذة في رغبة جديدة، وسوق أشد...
ولا شك أن ذلك يفضي إلى قلة النسل، أي إلى تناقص عدد السكان وضعف الأمة في مقوماتها العددية، ومقوماتها المعنوية، وقد ظهرت آثاره السيئة منذ عشرات السنين في بعض البيئات الأوربية، وأخذت في الازدياد والنمو والاتساع حتى شملت كثيرا من الدول.
وها نحن أولاء نرى كثيرا من علماء الاجتماع يدقون نواقيس الخطر وينذرون أممهم - إذ تهمل حياة الأسرة - سوء المصير بانهيار الأخلاق وانحلال روابط المجتمع، وانقراض النسل، ولقد وقف المارشال (بيتان) غداة احتلال الألمان فرنسا في الحرب العالمية الأخيرة، ينادي قومه إلى الفضيلة ويعزو الهزيمة إلى هجر حياة الأسرة. فكان مما قاله:
" زنوا خطاياكم فإنها ثقيلة في الميزان، إنكم نبذتم الفضيلة، وكل المبادئ الروحية. ولم تريدوا أطفالا، فهجرتم حياة الأسرة وانطلقتم وراء الشهوات تطلبونها في كل مكان، فانظروا إلى أي مصير قادتكم الشهوات ".