الوزراء بهرام وكتبوا إلى قيصر (ملك الروم) أن يأتي فيستلم مملكة فارس، وكثرت كتبهم عليه، واختبرهم فوجدهم صادقين، فجاء بجنوده حتى صار تحت جبل (حلوان) قريبا من عاصمة الملك، فعندها أخبر الوزراء بهرام، فعجب من ذلك وعلم أنهم هم الذين كاتبوه، فاستشارهم ليتضح له الحال.
فقالوا لا رأي إلا الاستسلام لأنه مصبحنا ونحن على غير عدة، فسكت عنهم وطلب العرب الذين صحبوه من الحيرة فأتوا إلى داره فقال لهم إن فارسا أبغضتني لأني عربي منكم، وكتبوا إلى قيصر (ملك الروم) فجاء ليقتلنا ويملك فارس فما الرأي، قالوا: الرأي أن نخرج إليه ونبيت عسكره هذه الليلة فنلقى سلاما أو نموت كراما، فقال: ذلك رأيي بالمصلحة وظني بكم ثم صعد بهم على جبل (حلوان) فأشرف على القوم وإذا هم سكارى غارون فرحون فقسمهم ماءة جريدة وباعد بين الجرائد وكانوا ألفين، فأمرهم أن يشقوا العسكر ذهابا وإيابا، وأن لا يضربوا إلا من تعرض لهم، وأن يجتنبوا خيمة قيصر وخيم خاصته، ففعلوا ذلك ثم عادوا إلى جبل (حلوان) فأشرفوا على القوم فإذا هم بين منتبه مدهوش، وبين سكران طافح، وجعل يضرب بعضهم بعضا، وظنوا أن فارسا أحاطت بهم وأن الكتب خديعة، فأمهلهم حتى سكنت فورتهم فنزل من على الجبل فقبض على قيصر وعلى خاصته، وعاد إلى محله قبل أن يلوح الصباح، فلما طلعت الشمس أحضر (بهرام) وزرائه وملك الروم فقال أيها الملك كيف غدرت بنا وبيننا وبينك عهود والملك لا يغدر، فأخرج قيصر كتب الوزراء وقال: أنظر تعذر، فلم ينظر (بهرام) إلى الكتب وأمر بنار فأجججت فأحرق الكتب، ومن على ملك الروم بالاطلاق وجدد عليه العهود والمواثيق، وعفى وصفح عن وزرائه، فقال قيصر: أيها الملك إني اختبرت أفعالك فوجدتها مطابقة للحكمة إلا فعلين لم أهتدي لمرادك منهما. قال: