وولايته من البيعة الشعبية العامة، وتكون البيعة من أهل السيف (لأنهم قوته في حماية الدولة) وأهل العلم ورؤساء العشائر، وهذا القسم هو أوسع الحقوق الانتخابية. فكل رئيس عشيرة إنما ارتضته واختارته عشيرته وانتخبته، وكل ذي سيف يتبعه فرسان يدينون له كما كان الحال في الجاهلية وفي الإسلام وفي العصور الوسطى. وذو السيف هنا هو المحارب المشتهر، فكأنه بمثابة أحد القواد. وأهل العلم معتبرون أعيان الوجوه في كل مملكة متحضرة.
والأمير مسؤول، مسؤولية دستورية كاملة، لا أمام ناخبيه وأصحاب بيعته فقط، ولكن أمام كل فرد من رجال الشارع. والإمام (صلوات الله عليه) هنا يستعرض المشاكل التي تحيط بكل من الحاكم والمحكوم (أي السلطان والرعية) كل واحد تجاه الآخر. فيقول:
إن السلطان مفتون برعيته للمسوؤلية التي يتحملها تجاه رعيته، وللواجبات التي عليه أداؤها، وكذا الشعب مفتون بالسلطان لأن للسلطان عليه حقوقا يلزم أداؤها. وإذن فكل منهما مفتون بصاحبه، والاخلال بشئ ما من أي من الجانبين يوجب قيام الجانب الآخر بعمل سلبي تجاه الآخر.
ونعرف من هذه الفقرات أن الإمام عليه السلام يصور فكرة (التعاقد الاجتماعي) قبل أن يتصورها المحدثون. ومعلوم أن التعاقد معناه الاتفاق بين الحكومة والشعب، أن يخدم كل مصالح الآخر، ويقوم كل بأداء ما عليه من واجبات فالثورات التي تقوم ضد السلطان الغاشم حق مشروع للشعب، بل واجب من واجباته، وكذا السلطان له الحق أن يؤدب كل فرد يرى منه خروجا على ما اتفق عليه.
الواجب أن يخلص السلطان في خدمة الرعية، وتنقاد الرعية للسلطان وتخضع لقوانينه العادلة.