أشار الإمام بقوله: (فعمل بالهوى، وعطلت الأحكام). وقد اعتبر الإسلام التمرد على الحاكم تمردا على المجتمع، وسمى الخارجين عليه بالساعين في الأرض فسادا.
وينبغي الإشارة إلى أن حق الرعية على الراعي ثابت مطلقا، سواء أقامت الرعية بما عليها من حق الراعي، أو لم تقم.. أما حق الراعي على رعيته فمقيد بصلاح الراعي، قيامه بما عليه من حق.. فإن أهمل فلا تجب طاعته، بل يجوز خلعه وعزله.
2 - أن التعاون على الخير والأمر بالمعروف حق الله على جميع المكلفين وأن من ترك ذلك تهاونا فقد خان أمانة الله عز وجل، جاء في الحديث:
(من رأى أخاه على أمر يكرهه فلم يردعه عنه، وهو يقدر عليه فقد خان الله). وقال الإمام لولده الحسن عليه السلام: (إمحض أخاك النصيحة حسنة كانت أم قبيحة).
3 - أن الإنسان مهما بلغت منزلته من العلم، وعظمت مكانته في الدين يظل مفتقرا إلى النصيحة والإرشاد، حتى من الأشخاص العاديين، إذ ربما كشفوا له عن شئ أو أشياء لم يلتفت إليها، ومن رأى نفسه فوق النقد فقد ادعى أنه بلغ الشوط الأخير، وأحاط بكل شئ علما.. قال الإمام في آخر الخطبة - التي نقلنا منها القطعة السابقة -: (ولا تظنوا بي استثقالا في حق قيل لي، ولا التماس إعظام لنفسي، فإنه من استثقل الحق أن يقال له، أو العدل أن يعرض عليه، كان العمل بهما أثقل عليه، فلا تكفوا عن مقالة بحق، أو مشورة بعدل، فإني لست بفوق أن أخطئ، ولا آمن ذلك من فعلي إلا أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به مني، فإنما أنا وأنتم عبيد مملوكون لرب لا رب غيره ".