تأخر، فلم يذر الاجتهاد له، وتعبد هو بأبي وأمي حتى انتفخ، الساق وورم القدم، وقيل له أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال: أفلا أكون عبدا شكورا. فلما نظر إليه جابر وليس يغني فيه قول قال: يا بن رسول الله البقيا على نفسك فإنك من أسرة بهم يستدفع البلاء ويستكشف الضر، وبهم تمسك السماء أن تقع على الأرض.
فقال: عليه السلام: يا جابر لا أزال على منهاج أبوي (عليهما السلام) متأسيا بهما حتى ألقاهما. فأقبل جابر على من حضر فقال لهم: ما أرى في أولاد الأنبياء مثل علي بن الحسين عليه السلام).
وفي البحار أيضا: ذكر محمد بن أبي عبد الله (وهو من رواة أصحابنا) في أماليه عن عيسى بن جعفر عن العباس بن أيوب عن أبي بكر الكوفي عن حماد بن حبيب العطار الكوفي، قال: (خرجنا حجاجا فرحلنا من زبالة ليلا فاستقبلتنا ريح سوداء مظلمة فتقطعت القافلة فتهت في تلك الصحراء والبراري فانتهيت إلى واد ففر فلما جن الليل لجئت إلى شجرة عالية، فلما أن اختلط على الظلام إذا أنا بشاب قد أقبل، عليه أطمار بيض تفوح منه رائحة المسك، فقلت في نفسي هذا من أولياء الله متى أحس بحركتي خشيت نفاره، وأن أمنعه عن كثير ما يريد فعاله، فأخفيت نفسي ما استطعت، فدنا إلى الموضع فتهيأ للصلاة ثم وثب قائما وهو يقول:
يا من حاز كل شئ ملكوته، وقهر كل شئ جبروته، أولج قلبي فرح الإقبال، وألحقني بميدان المطيعين لك.
قال: ثم دخل في الصلاة، فلما أن رأيته قد هدأت أعظاؤه وسكنت حركاته، قمت إلى الوضوء تهيأ للصلاة، ثم قمت خلفه فإذا أنا بمحراب كأنه مثل في ذلك الوقت، فرأيت كلما مر بآية فيها ذكر الوعيد يرددها بانتحاب