يقوم بين يدي ربه مقام الذليل. تدفعه إلى عبادته رغبة ورهبة، يدفعه إلى هذا الخضوع وهذا الانقطاع خوف ورجاء. وهو في كل ذلك في إطراق خاشع الطرف، منسحق النفس، لين الجانب، كسير الجناح، يتململ - كجده على - تململ السليم. يخاف أن تأخذ عليه خطيئته أطراف الأرض وآفاق السماء، فتقطعه عن المبدأ الأعلى، وعن فيضه المتدفق.
هذه حال الإمام عليه السلام حال الصلاة.
كانت تعتريه في كل صلاة، بل في كل تطهر للصلاة، بل في كل لحظة يذكر فيها اسم الله، شأن المؤمنين الذين (إذا ذكروا الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون). حتى إذا سئل عن ذلك ذات يوم أجاب متعجبا متسائلا: (ألم أقف بين يدي جبار السماوات)؟.
فهو يعبد الله كأنه يراه، ويخافه كأنه ينظر إليه، وجلال المهيمن وعظمته متجلية لديه في كل الأحوال.
إذا فلا غرو فيما تتحدث به الرواة من الخشية والرهبة التي تعلوه عند المثول أمام المولى عز شأنه لأداء فرضه، فتضطرب أعضاؤه. وإذا دخل في الصلاة لم يتحرك منه شئ إلا ما حركه الريح. وإذا قيل له في ذلك يقول:
(أتدرون إلى من أقوم، ومن أريد أن أناجي، إني أريد أن أتأهب للقيام بين يدي ملك عظيم).
وقد رآه أبو حمزة الثمالي يصلي، وقد سقط رداؤه من على أحد منكبيه فلم يسوه، ولما فرغ من الصلاة سأله عن ذلك فقال عليه السلام: (أتدري بين يدي من أنا واقف، إن العبد لا يقبل منه صلاة إلا ما أقبل منها). قال أبو حمزة هلكنا فطمنه الإمام بأن الله تعالى يتم ما نقص منها بالنوافل.
ووقع حريق في بيت كان ساجدا فيه، فصاحوا: النار يا ابن رسول الله