الناس، وقد يصف لك طريق الخلاص من ذلك الفساد كطبيب ماهر وعالم خبير، وإذا ولي عملا من أعمال المسلمين رأيته شيطانا من الشياطين، رأيته ظلم العباد والبلاد وعاث في الأرض الفساد، (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد، وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد).
(الرابع): من أوصاف المنافقين أنهم لم يرضوا الله ورسوله حكما فيما يعرض لهم من خلاف، فحكومتهم غير حكومة المؤمنين، ومرجعهم غير مرجعهم، فإن الله تعالى يرينا أن حكومة المؤمنين عند النزاع هي كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وفيها يقول تعالى: (فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا).
أما هؤلاء فيتحاكمون إلى غير كتاب الله المعصوم، وسنة رسوله الصحيحة، يتحاكمون إلى طواغيتهم وأوليائهم، ويحلونهم محل المعصوم، وإذا طالبتهم بالمحاكمة إلى الله ورسوله صدوا عنك صدودا. (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا، وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا).
وقد بين الله علة إعراضهم عن المحاكمة إليه في قوله: (أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم) أي من مرض ونفاق، وهو علة ذلك الإعراض، وهو يرينا بذلك أن المؤمن الذي سلم قلبه من الشك والنفاق لا يمكن