يراءون الناس بصلاتهم، ولا يبتغون بها وجه الله، ومن كان كذلك لا يقوم إلى صلاته بجد ونشاط.
(الثانية): من صفات المنافقين الذبذبة والاضطراب بين حزب المؤمنين وحزب الكافرين، فلا يستطيعون أن يكونوا مع أحد الفريقين ظاهرا وباطنا، فإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا، وإذا خلوا إلى شياطينهم ورؤس الكفر منهم قالوا لهم إنا معكم، وما أظهرنا الإيمان مع الحزب الأول إلا تهكما بهم، وقد بين الله علة ذلك النفاق وهذه الذبذبة بقوله:
(في قلوبهم مرض) ومن مرض قلبه، مرض كل شئ فيه، شفان القلب هو رئيس الجوارح، والمهيمن على الإنسان كله، وبفساد الرئيس يفسد المرؤوس، وذلك المرض لا يشركهم فيه كافر وإن كان قلبه مريضا بحب الجاه وكراهة الحق، والحقد على المصلح، لأن قلبه لم يمرض بالضعف والخور والشرور، فكان جريئا في معاداة الحق وخذلان الإصلاح.
أما المنافق فكان خبيثا في عداوته، محتالا في إفساده، شأن الضعيف الذي لا يستطيع أن يشفي غيظه، يمكر ويخادع، ويداجي ويوارب، مرض قلب ذلك المنافق فلم يثق بالله في وعده ووعيده، ولم يؤمن به في ثوابه وعقابه، فمرض بذلك المرض صاحبه، ولم يفض على الجسم نورا يسير به في الظلمات، ويهتدي به في الملمات، وكان مثل ذلك الجسم كجيش اعتل قائده فهو يسير بلا قيادة، وهيهات أن يهتدي أو يصل إلى غاية.
(الثالثة): من أخلاق المنافق أن يعجبك قوله، ويسوؤك عمله، قوله قول المتقين، وعمله عمل الجبارين، إذا تكلمت معه في الإصلاح والمصلحين، والافساد والمفسدين أفاض معك في القول، وأراك أن قلبه يتفطر حسرة لذلك الفساد الذي نراه كل يوم، وأنه يتمنى أن لو صلح أمر