بذلك الرجل؟ وماذا أعددت له من عمل؟ فتجيبه: أعددت له خذلانا لا يقوم بعده، وموتا لا يحيا معه، أعددت له أنواعا من الإهانة، وضروبا من الايذاء، وأصنافا من العنت والإحراج، أعددت له تحقيرا أمام مواطنيه، وتسفيها لعمله، تتناقله الأبناء عن الآباء، وذلك هو الفريق الكافر بذلك الإصلاح المعادي له سرا وعلانية.
وترى فريقا ثالثا وهو شر من الفريق الثاني يشترك معه في خبث النفس وفساد الطوية والحنق على ذلك المصلح، ويمتاز عنه بالجبن والخور وضعف القلب، فلا يستطيع أن يصارح المصلح بأنه عدوه اللدود، ولا أن يظهر أمام المؤمنين بذلك المظهر، فيضطره ضعف عقيدته وفقدانه للجرأة أن يداري ويوارب، فيكون بين الصديق والعدو، والمناصر والمحارب، إذا رأى المؤمنين أظهر لهم الإيمان، وإذا لقي الكافرين قال لهم: إني معكم.
ومثله في ذلك مثل حيوان خبيث (وهو الضب)، يعمل له جحرا في الأرض يسمى النافقاء. له بابان، إذا أراد صائده أن يدخل إليه من أحد البابين لوح له بذنبه أنه مقبل عليه ليطعمه، ثم يخرج من الباب الآخر، يخدعه بذلك العمل.
وهكذا المنافق، واشتقاقه من النافقاء، وهو ذلك الجحر الذي يعمله الضب. أو هو إحدى جحرة اليربوع التي يعملها في الأرض ظاهرة يراها الناس، حتى إذا ذهبوا إليها ليطلبوه، إذا به قد أعد جحرا آخر قد أخفاه عن الناس ليكون فيه.
ذلك هو المنافق الذي يخادع الناس ويخادع المصلحين في كل زمان، وهذا مثله في خداعه ونفاقه.