أي دعا لها أن لا تحمض ولا تفسد.
وفي الحديث: " وإن كان صائما " فليصل، أي فليدع بالبركة والخير.
وكل داع مصل.
وقال ابن الأعرابي: الصلاة من الله الرحمة؛ ومنه: (هو الذي يصلي عليكم) (1)، أي يرحم.
وقيل: الصلاة من الملائكة: الاستغفار والدعاء؛ ومنه: صلت عليه الملائكة عشرا، أي استغفرت؛ وقد يكون من غير الملائكة؛ ومنه حديث سودة: إذا متنا صلى لنا عثمان بن مظعون، أي استغفر وكان قد مات يومئذ.
وقيل: الصلاة حسن الثناء من الله، عز وجل، على رسوله صلى الله عليه وسلم؛ ومنه قوله تعالى: (أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة) (2).
والصلاة: عبادة فيها ركوع وسجود، وهذه العبادة لم تنفك شريعة عنها وإن اختلفت صورها بحسب شرع فشرع، ولذلك قال، عز وجل: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) (3)؛ قاله الراغب.
قال شيخنا: وهذه حقيقة شرعية لا دلالة لكلام العرب عليها إلا من حيث اشتمالها على الدعاء الذي هو أصل معناها.
وفي كلام الشهاب ما يقتضي أن الصلاة الشرعية حقيقة معروفة للعرب.
وفي المزهر: أنها من الكلمات الإسلامية، وفي الكل نظر، انتهى.
وقال ابن الأثير: سميت ببعض أجزائها الذي هو الدعاء.
وفي المصباح: لاشتمالها على الدعاء.
وقال الراغب: سميت هذه العبادة بها كتسمية الشيء باسم بعض ما يتضمنه.
قال صاحب المصباح: وهل سبيله النقل حتى تكون الصلاة حقيقة شرعية في هذه الأفعال مجازا لغويا في الدعاء، لأن النقل في اللغات كالنسخ في الأحكام، أو يقال استعمال اللفظ في المنقول إليه مجاز راجح، وفي المنقول عنه (4) حقيقة مرجوحة فيه خلاف بين أهل الأصول. وقيل: الصلاة في اللغة مشتركة بين الدعاء والتعظيم والرحمة والبركة؛ ومنه: " اللهم صل على آل أبي أوفى "، أي بارك عليهم أو ارحمهم؛ وعلى هذا فلا يكون قوله: يصلون على النبي، مشتركا بين معنيين بل مفرد في معنى واحد وهو التعظيم، انتهى.
ونقل المناوي عن الرازي ما نصه: الصلاة عند المعتزلة من الأسماء الشرعية، وعند أصحابنا من المجازات المشهورة لغة من إطلاق اسم الجزء على الكل، فلما كانت مشتملة على الدعاء أطلق اسم الدعاء عليها مجازا؛ قال: فإن كان مراد المعتزلة من كونها اسما شرعيا هذا فهو حق، وإن أرادوا أن الشرع ارتجل هذه اللفظة فذلك ينافيه قوله تعالى: (إنا أنزلناه قرآنا عربيا) (5).
وفي الصحاح: الصلاة واحدة الصلوات المفروضة؛ وهو اسم يوضع موضع المصدر.
وصلى صلاة، ولا يقال: صلى تصلية، أي دعا.
قال شيخنا: ولهج به السعد في التلويح وغيره، وقاله السيد وجماعة تقليدا، وتبعهم أبو عبد الله الحطاب أول شرح المختصر، وبالغ عن الكناني أن استعماله يكون كفرا، وذلك كله باطل يرده القياس والسماع؛ أما القياس فقاعدة التفعلة من كل فعل على فعل معتل اللام مضعفا كزكى تزكية وروى تروية، وما لا يحصر؛ ونقله الزوزني في مصادره.