وإن دما لو تعلمين جنيته * على الحي جاني مثله غير سالم (1) ثم ظاهر سياق المصنف أنه حقيقة.
وصرح الراغب أنه مستعار من جنى الثمرة كما استعير اجترم فتأمل.
وفي الحديث: لا يجني جان إلا على نفسه؛ الجناية الذنب والجرم وما يفعله الإنسان مما يوجب عليه العقاب أو القصاص في الدنيا والآخرة، والمعنى أنه لا يطالب بجناية غيره من أقاربه وأباعده، فإذا جنى أحدهم جناية لا يطالب بها الآخر.
وقال شمر: جنيت لك وعليك؛ ومنه قوله:
جانيك من يجني عليك وقد * تعدي الصحاح فتجرب الجرب (2) قال أبو عبيد: قولهم جانيك من يجني عليك يضرب مثلا للرجل يعاقب بجناية ولا يؤخذ غيره بذنبه، إنما يجنيك من جنايته راجعة إليك، وذلك أن الإخوة يجنون على الرجل، يدل على ذلك قوله: وقد تعدي الصحاح الجرب.
وقال أبو الهيثم في قولهم: جانيك من يجني عليك: يراد به الجاني لك الخير من يجني عليك الشر؛ وأنشد:
* وقد تعدي الصحاح مبارك الجرب * وجنى الثمرة ونحوها يجنيها جنى، اجتناها، أي تناولها من شجرتها، كتجناها؛ قال الشاعر:
إذا دعيت بما في البيت قالت * تجن من الجذال وما جنيت (3) قال أبو حنيفة: هذا شاعر نزل بقوم فقروه صمغا ولم يأتوه به، ولكن دلوه على موضعه وقالوا: اذهب فاجنه، فقال هذا البيت يذم به أم مثواه، واستعاره أبو ذؤيب للشرف؛ فقال:
وكلاهما قد عاش عيشة ما جنى * وجنى العلاء لو ان شيئا ينفع (4) وهو جان لصاحب الجناية وجاني الثمرة، ج جناة، كقاض وقضاة، وجناء، كرمان، عن سيبويه؛ وأجناء.
قال الجوهري: نادر.
ومنه المثل: أجناؤها أبناؤها، أي الذين جنوا على هذه الدار بالهدم هم الذين كانوا بنوها؛ حكاه أبو عبيد.
قال الجوهري: وأنا أظن أن أصل المثل جناتها بناتها، لأن فاعلا لا يجمع على أفعال، فأما الأشهاد والأصحاب فإنما هما جمع شهد وصحب، إلا أن يكون هذا من النوادر لأنه يجيء في الأمثال ما لا يجيء في غيرها، انتهى.
وقال ابن سيده: وأراهم لم يكسروا بانيا على أبناء وجانيا على أجناء إلا في هذا المثل.
قال ابن بري: ليس المثل كما ظنه الجوهري من قوله جناتها بناتها، بل المثل كما نقل، لا خلاف بين أحد من أهل اللغة فيه، قال: وقوله أن أشهادا وأصحابا جمع شهد وصحب سهو منه، لأن فعلا لا يجمع على أفعال إلا شاذا، ومذهب البصريين أن أشهادا وأصحابا وأطيارا جمع شاهد وصاحب وطائر.
قال: وهذا المثل يضرب لمن عمل شيئا بغير روية فأخطأ فيه ثم استدركه فنقض ما عمله، وأصله أن بعض ملوك اليمن غزا واستخلف ابنته فبنت بمشورة قوم بنيانا كرهه أبوها، فلما قدم أمر المشيرين ببنائه أن يهدموه، والمعنى أن الذين جنوا على هذه الدار بالهدم هم الذين كانوا بنوها، فالذي جنى، والمدينة التي هدمت اسمها براقش، وقد ذكرناها في فصل برقش.
وجناها له؛ كذا في النسخ وفي بعض: جنى ماله؛ وجناه إياها. وقال أبو عبيد: جنيت فلانا جنى، أي جنيت له؛ قال: