قيل: سميت البادية بادية لبروزها وظهورها، وقيل للبرية بادية لكونها ظاهرة بارزة.
وشاهد البدو قوله تعالى: (وجاء بكم من البدو) (1) أي البادية.
قال شيخنا: البدو مما أطلق على المصدر ومكان البدو والمتصفين بالبداوة، انتهى.
وقال الليث: البادية اسم للأرض التي لا حضر فيها، وإذا خرج الناس من الحضر إلى المراعي في الصحاري قيل: بدوا، والاسم البدو.
وقال الأزهري: البادية خلاف الحاضرة، والحاضرة القوم الذين يحضرون المياه وينزلون عليها في حمراء القيظ، فإذا برد الزمان ظعنوا عن أعداد المياه وبدوا طلبا للقرب من الكلإ، فالقوم حينئذ بادية بعد ما كانوا حاضرة. ويقال لهذه المواضع التي يبتدي (2) إليها البادون بادية أيضا، وهي البوادي، والقوم أيضا بوادي.
وفي الصحاح: البداوة الإقامة في البادية، يفتح ويكسر، وهو خلاف الحضارة.
قال ثعلب: لا أعرف البداوة بالفتح، إلا عن أبي زيد وحده، انتهى.
وقال الأصمعي: هي البداوة والحضارة، بكسر الباء وفتح الحاء؛ وأنشد:
فمن تكن الحضارة أعجبته * فأي رجال بادية ترانا؟ (3) وقال أبو زيد: بعكس ذلك.
وفي الحديث: أراد البداوة مرة أي الخروج إلى البادية، روي بفتح الباء وبكسرها.
* قلت: وحكى جماعة فيه الضم وهو غير معروف.
قال شيخنا: وإن صح كان مثلثا، وبه تعلم ما في سياق المصنف من القصور.
وتبدى الرجل: أقام بها، أي بالبادية.
وتبادى: تشبه بأهلها؛ والنسبة إلى البداوة، بالفتح على رأي أبي زيد، بالكسر على رأي الأصمعي: بداوي، كسخاوي، وبداوي، بالكسر. ولو قال: ويكسر كان أخصر.
وقال شيخنا: قوله كسخاوي مستدرك، فإن قوله بالكسر يغني عنه. قال: ثم إن هذا إنما يتمشى على رأي أبي زيد الذي ضبطه بالفتح، وأما على رأي غيره فإنه بالكسر.
وقال ثعلب: وهو الفصيح فالصواب أن يقول: والنسبة بداوي ويفتح انتهى.
قال ابن سيده: البداوي، بالفتح والكسر، نسبتان على القياس إلى البداوة والبداوة، فإن قلت البداوي قد يكون منسوبا إلى البدو والبادية فيكون نادرا، قلت: إذا أمكن في الشيء المنسوب أن يكون قياسا شاذا كان حمله على القياس أولى لأن القياس أشيع وأوسع.
والنسبة إلى البدو: بدوي، محركة، وهي نادرة.
قال التبريزي: كأنه على غير قياس، لأن القياس سكون الدال؛ قال: والنسب يجيء فيه أشياء على هذا النحو من ذلك قولهم: فرس رضوية منسوبة إلى رضوي والقياس رضوية.
* قلت: وقد جاء ذلك في الحديث: لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية.
قال ابن الأثير: وإنما كره ذلك لما في البدوي من الجفاء في الدين والجهالة بأحكام الشرع ولأنهم في الغالب لا يضبطون الشهادة على وجهها؛ قال: وإليه ذهب مالك، والناس على خلافه.
وبدا القوم بدا، كذا في النسخ والصواب بدوا، كما هو نص الصحاح ومثله يقتل قتلا؛ خرجوا إلى البادية؛ ومنه الحديث: من بدا جفا، أي من نزل البادية صار فيه جفاء الأعراب، كما في الصحاح.