أي دع ما أحيط به وأقدر عليه.
و مخفوض على الثاني؛ ومنه قول كعب بن مالك المذكور:
* بله الأكف كأنها لم تخلق * في رواية الأخفش، قال: هو هنا بمنزلة المصدر كما تقول ضرب زيد.
وقال ابن الأثير: بله من أسماء الأفعال بمعنى دع واترك، وقد توضع موضع المصدر وتضاف فتقول: بله زيد أي ترك زيد.
و مرفوع على الثالث، أي إذا كان مرادفا لكيف.
وبه فسر الأحمر الحديث: بله ما اطلعتهم عليه، أي كيف.
وفتحها بناء على الأول والثالث، وفيه إشارة للرد على الجوهري في قوله مبنية على الفتح ككيف.
قال ابن بري: حقه أن يقول مبنية على الفتح إذا نصبت ما بعدها فقلت بله زيدا كما تقول رويد زيدا.
إعراب على الثاني، أي إذا قلت بله زيد كانت بمنزلة المصدر معربة، كقولهم رويد زيد.
قال ابن بري: ولا يجوز أن تقدره مع الإضافة اسما للفعل لأن أسماء الأفعال لا تضاف.
وفي تفسير سورة السجدة من كتاب صحيح البخاري: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ذخرا من بله ما اطلعتم (1) عليه، فاستعملت معربة (2) بمن خارجة عن المعاني الثلاثة (3)؛ والرواية المشهورة: على قلب بشر بله ما أطلعتهم عليه. قال ابن الأثير: يحتمل أن يكون منصوب المحل ومجرورا على التقديرين، والمعنى دع ما اطلعتهم عليه وعرفوه (4) من نعيم الجنة ولذاتها. وهذه الرواية هي التي في كتاب الجوهري والنهاية وغيرهما من أصول اللغة.
وفسرت بغير، وهو موافق لقول من يعدها من ألفاظ الاستثناء وبمعناها، وبه فسر أيضا قول ابن هرمة: بله الجلة التجبا؛ أي سوى، كما في الصحاح.
أو بمعنى أجل؛ وأنشد الليث:
بله إني لم أخن عهدا ولم * أقترف ذنبا فتجزيني النقم (5) أو بمعنى كف ودع ما أطلعتهم عليه، وهو قول الفراء.
ويقال: ما بلهك، أي ما بالك.
والبلهنية، بضم الباء وفتح اللام وسكون الهاء وكسر النون: الرخاء وسعة العيش، صارت الألف ياء لكسرة ما قبلها، والنون زائدة عند سيبويه.
وقيل: بلهنية العيش نعمته وغفلته؛ وأنشد ابن بري للقيط بن يعمر الإيادي:
ما لي أراكم نياما في بلهنية * لا تفزعون وهذا الليث قد جمعا؟ (6) ومن سجعات الأساس: لا زلت ملقى بتهنية مبقى في بلهنية؛ وهو مجاز.
* ومما يستدرك عليه:
ابتله الرجل كبله؛ أنشد ابن الأعرابي:
إن الذي يأمل الدنيا لمبتله * وكل ذي أمل عنها سيشتغل (7)