عبد الله بن عمرو بن العاص: لتطب نفس كل واحد منكما لصاحبه برأس عمار، فإني سمعت رسول الله (ص) يقول: تقتل عمار الفئة الباغية. فقال معاوية لعمرو: ألا تغنى عنا مجنونك هذا؟ (1).
ومعلوم: أنها قضية واحدة في مناسبة واحدة.
وثانيا: لقد ورد في الرواية نفسها ما يدل على أنها قد كانت في البناء الثاني، وذلك لأنها ذكرت: أنه كان - يستظل ببيت أم سلمة -. ومعلوم أنه (ص) قد بنى المسجد أولا، ثم بنى بيوته (2). كما أنه (ص) كان يبني بيوته بالتدريج عند الحاجة إليها. وأول ما بنى بيت سودة وعائشة (3)، فلا ريب في أنه (ص) قد بنى بيت أم سلمة " بعد بنائه المسجد بمدة طويلة. وذلك بعد موت أبي سلمة كما سيأتي.
سر انتصار النبي (ص) لعمار:
ويلاحظ هنا: أن المسلمين قد كانوا على درجة من الوعي، بحيث كانوا يدركون: أن عملهم هذا ليس لأجل الدنيا، وإنما هو للآخرة، وأن الآخرة هي ائتي يجب أن يكون لها المقام الأول والأخير في تفكيرهم، وأعمالهم ومواقفهم، فإن العيش الحقيقي هو عيش الآخرة، بل لا عيش سواه، والخسران المبين هو الخسران فيها.