وحاول السمهودي تصحيح ما تقدم: بأنهم قد ذكروا أنه " صلى الله عليه وآله وسلم " قد مر بدور الأنصار، حين قدم المدينة من قباء، حتى مر بدور بنى ساعده وانما هي في شامي المدينة، فلم يدخل باطن المدينة إلا من تلك الناحية (1).
وهو كلام عجيب فان مروره في دور بنى ساعدة لا يقتضى دخول المدينة من ناحيتهم، إذ يمكن أن يدخلها من جهة قباء، ثم تجول به ناقة في دور الأنصار، كما هو صريح ما ذكره، حتى تصل إلى دور بنى ساعدة.
كما أن احتماله هذا يدفعه تصريحهم في رواية: طلع بدر علينا. بأنهم لا قوة بهذا الشعر، ثم عدل بهم ذات اليمين إلى قباء، كما تقدم، فإن هذا إنما يتناسب مع قدومه من مكة إلى مدينة، لا من قباء إلى المدينة، كما يقول السمهودي.
فالصحيح هو أنهم قد لا قوه بهذا الشعر حينما قدم من تبوك لا من مكة كما سيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى.
استدلال عجيب:
إن استدلال الحلبي بتلك الرواية على تجويز الغناء عجيب، وغريب، فان الرواية لا تتضمن إلا أنهم قد أنشدوا الشعر لمقدمه، ولم يكن يصاحب ذلك شئ من المحرمات، بل لم تذكر الرواية: أنه كان هناك ترجيع أم لا.
وإنشاد الشعر ليس بحرام، ولهذا قال بعضهم: " وتعلق أرباب الغناء الفسقي به (أي برواية: طلع البدر) كتعلق من يستحل شرب الخمر المسكر قياسا على اكل العنب، وشرب العصير الذي لا يسكر، ونحو هذا