الحكم يكون للغالب (1) ". انتهى ولكن بعض ما أجاب به الحلبي محل نظر، فإن استعمال شرى بمعنى باع تارة وبمعنى اشترى أخرى، محل نظر، لأنه يلزم منه استعمال المشترك في أكثر من معنى، وقد منعه طائفة من العلماء.
وإن كنا نحن نرى: أنه لا مانع من ذلك، إلا ما كان من قبيل الاستعمال في المعنى الحقيقي والمجازي معا وشاهدنا على ذلك صحة التورية وشيوعها في كلام العرب. فإذا لم نجز استعمال المشترك في معنيين لم يصح كلام الحلبي حتى وإن كانت الآية قد نزلت مرتين لأن محل الكلام إنما هو في قراءتنا نحن للآية، وكيفية فهمنا لها.
هذا عدا عن أن صهيبا لا خصوصية له في بذله ماله. فإن كثيرا من المهاجرين قد تخلوا عن أموالهم للمشركين وهاجروا فرارا بدينهم.
وعن قضية صهيب نقول:
لقد رووا: أنه لما أراد رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " الخروج إلى الغار أرسل أبا بكر مرتين أو ثلاثا إلى صهيب فوجده يصلي، فكره أن يقطع صلاته، وبعد أن جرى ما جرى عاد صهيب إلى بيت أبي بكر، فسأل عن أخويه: النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " وأبي بكر، فأخبروه بما جرى. فأراد الهجرة وحده. ولكن المشركين لم يمكنوه من ذلك حتى بذل لهم ماله، فلما اجتمع مع النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " في قباء قال " صلى الله عليه وآله وسلم ": ربح صهيب ربح صهيب، أو ربح البيع، فأنزل الله: ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله الخ (2).