خصائصهم، مهما كانت تافهة وحقيرة، وغير ذات أهمية، ولا يتنازلون عنها في أي من الظروف والأحوال. بل هم يطمحون إلى بثها وترسيخها لدى غيرهم من الجماعات والأمم، ولو على حساب تدمير تاريخ وتراث تلك الجماعات، فنجد أنهم عندما يكتبون عن الشؤون والتواريخ الاسلامية يصرون على تحوير التاريخ الهجري، الذي ضبطت به الحوادث إلى الميلادي الشمسي، مهما كان ذلك موجبا لضياع كثير من الحقائق، والغلط والخلط فيها نتيجة للاختلاف فيما بين التاريخين.
أما نحن فإننا نتنازل عن كثير من الأشياء التي قد يكون الكثير منها رئيسيا وأساسيا، بدعوى التقدمية والرقى، وغير ذلك من ألفاظ خلابة، وشعارات براقة، تخفي وراءها الكثير الكثير من المهالك والأخطار. بل لقد تخلت بعض البلاد الاسلامية حتى عن الخط العربي، واستبدلته بالخط اللاتيني، بالإضافة إلى تخليهم عن كثير من شؤونهم الحياتية حتى زيهم ولباسهم، وحتى طريقة عيشهم أيضا. وهكذا كان حالنا بالنسبة للتاريخ الهجري، حيث قد تخلينا عنه، وبكل يسر وسهولة رغم أنه من موجبات عزتنا، وعليه يقوم تاريخنا وتراثنا، فاستبدلناه بالتاريخ المسيحي الشمسي، المستحدث بعد ظهور الاسلام ببرهة طويلة، لأن النصارى كانوا يؤرخون برفع المسيح (ع) (1)، لا بميلاده، وعلى حسب نص آخر:
إنهم كانوا يؤرخون بعهد الإسكندر ذي القرنين (2)، حتى إن ابن العبري، وهو من اليعاقبة المسيحيين، وقد بلغ إلى درجة تعادل درجة الكاردينال، وتوفي سنة 685 ه. لم يؤرخ في كتابه بتاريخ المسيح أصلا، بل اعتمد تاريخ الإسكندر في مواضع عديدة في كتابه فراجع (6) فلو كان تاريخ