الدين، وكونه ينسجم مع أحكام العقل، ومقتضيات الفطرة السليمة. وقد أشرنا إلى ذلك أيضا حين الكلام عن إسلام أبي ذر، فليراجع.
بئر رومة في صدقات عثمان:
وقد ذكروا في جملة فضائل عثمان: أنه لما قدم رسول الله (ص) المدينة، وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة، قال: من يشتري بئر رومة من خالص ماله، فيجعل فيها دلوه مع دلاء المسلمين، بخير له منها في الجنة؟
فاشتراها عثمان من صلب ماله، وجعل دلوه فيها مع دلاء المسلمين، ثم لما حصر عثمان منعوه من الشرب منها حتى شرب ماء البحر.
وللروايات نصوص مختلفة جدا كما سنرى، وسنشير إلى بعض مصادرها فيما يأتي.
ونحن نشك في صحتها، وذلك استنادا إلى ما يلي:
أولا: تناقض نصوصها الشديد جدا، حتى إنك لا تجد نصا إلا ويوجد ما ينافيه ويناقضه. ونذكر على سبيل المثال:
إنهم يذكرون أن عثمان قد ناشد الصحابة بقضية بئر رومة، وذلك حين الثورة عليه، فرواية تقول: إنه اطلع عليهم من داره وهو محصور فناشدهم. وأخرى تقول: إنه ناشدهم في المسجد.
ورواية تقول: إنه اشترى نصفها بمائة بكرة، والنصف الآخر بشئ يسير. وأخرى تقول: إنه اشتراها بأربعين ألفا. وثالثة: بخمس وثلاثين.
ورابعة: إنه اشترى نصفها باثني عشر ألف درهم، والنصف الآخر بثمانية آلاف.