ملاحظات سريعة على الوثيقة:
ومهما يكن من أمر، فإن هذه الوثيقة، أو الوثائق، قد تضمنت أمورا كثيرة هامة، وأساسية في مجال بناء العلاقات في هذا المجتمع الجديد.
وكمثال على ذلك نشير هنا إلى ما يلي:
1 - إنها قد قررت: أن المسلمين أمة واحدة، رغم اختلاف قبائلهم وانتماء اتهم، وتفاوت مستوياتهم، وحجم ونوع طموحاتهم، ورغم اختلاف حالاتهم المعيشية، والاجتماعية، وغير ذلك.
ولهذا القرار أبعاده السياسية، وله آثاره الحقوقية، وغيرها. ثم له آثار وانعكاسات على التكوين السياسي، والاجتماعي، وعلى الحالة النفسية، والعاطفية، والفكرية، والمعيشية، والحياتية بصورة عامة. ولسنا هنا بصدد الخوض في تفاصيلها وجزئياتها.
2 - قد تضمنت إقرار المهاجرين من قريش على عاداتهم وسننهم في الديات والدماء. ويقولون: إن ذلك قد نسخ فيما بعد، وإن كنا نرى:
أن النسخ لم يطل هذه الموارد، وهي مما كان قد قرره عبد المطلب، أو مما كان وصل إليهم أو بلغهم من دين الحنيفية. ولهذا انحصر الاستثناء فيها، ولم يشمل الحالات التجارية، أو الأحوال الشخصية مثلا.
وحتى لو كان ثمة بعض الموارد التي لم تكن كذلك، فإن بالامكان أن يستفاد منها موضوع التدرج في مجال تشريع الأحكام، وفق الحالات والمعطيات القائمة في الواقع المعاش.
3 - إن مسؤولية المهاجرين عن فداء أسراهم، ثم مسؤولية جميع القبائل عن فداء أسراها أيضا بالقسط والمعروف، إنما تعني أن تعيش كل قبيلة حالة التكافل، والاحساس الجماعي، بالإضافة إلى أن ذلك يضمن نوعا من الترابط بين هؤلاء الناس، والذب عن بعضهم، والمعونة في