للهجرة.
فما تقدم يدل على أن عليا (ع) ليس فقط لم يشر على عمر بشهر محرم، بل كان من المصرين على أن يبقى أول السنة هو شهر ربيع الأول، الذي خرج النبي (ص) من مكة، أو من الغار، أو ولج المدينة في أول يوم منه، شانه صلوات الله وسلامه عليه شأن كثيرين ممن لم يرضوا بمثل هذا التغيير، لكنهم غلبوا على أمرهم.
ولا يفوتنا أخيرا التنبيه: على أن جعل علي (ع) اليوم الذي ولج فيه النبي (ص) المدينة مبدأ للتاريخ، ربما يؤيد قول من قال: إنه (ص) دخلها في أول يوم من ربيع الأول.
وسيأتي بعض الكلام أيضا في ذلك، وإن لم يكن هو محط نظرنا في هذا البحث.
فإن ما يهمنا هنا: هو البحث عن أول من أرخ بالسنة الهجرية.
وقد قلنا: إننا نعتقد: أن النبي (ص) كان أول من أرخ بالهجرة.
الموافقون على هذا الرأي:
لأننا وإن كنا لا نرى كثيرين يوافقوننا على هذا الرأي، وقرى بعضهم يتردد في إصدار حكم جازم في ذلك، وبعضهم ربما يظهر منه الميل إلى الرأي الشائع، إلا إن مرد ذلك كله إلى عدم إطلاعهم على النصوص الكافية للجزم بالامر، وتكوين قناعة تقاوم ما يرونه قد اشتهر وذاع على ألسنة الرواة والمؤرخين.
ومهما يكن من أمر، فنذكر ممن وافقنا على ما نذهب إليه: السيد عباس المكي في نزهة الجليس، كما سيأتي، ونقله السيوطي عن ابن القماح، عن ابن الصلاح، عن أبي مجمش الزيادي، كما سيأتي أيضا.
أما صاحب المواهب فقد قال: " وأمر (ص) بالتاريخ، وكتب من حين