ليكون بمثابة مركز للقيادة والريادة، ففيه كان (ص) يستقبل الوفود، ويبت في أمور الحرب والسلم، ويفصل الخصومات. وفيه كان يتم البحث عن كل ما يهم الدولة وشؤونها، والناس، ومعاملاتهم وارتباطاتهم، وليهب المسجد الناس نفحة روحية، وارتباطا بالله جل وعلا، وببعضهم البعض في كل مجالات الحياة، ومنطلقاتها، بعيدا عن النوازع الذاتية، وعن الحساسيات القبلية والعرقية، وعن تأثيرات الفوارق الاجتماعية، وفيه كان يجد الضيف قوته، والمهموم المغموم سلوته، والذي لا عشيرة له ينسى بل يجد فيه عشيرته، والمحروم من العطف والحنان يجد فيه من ذلك بغيته.
والخلاصة، لقد كان المسجد موضع عبادة وتعلم وتفهم لما يفيد في أمور الدين والدنيا، وتربية نفسية وخلقية، ومحلا للبحث في كل المشاكل التي تهم الفرد والمجتمع، ومكانا مناسبا للتعارف والتآلف بين المسلمين إلى غير ذلك مما تقدم.
مشاركة النساء في بناء المسجد:
وبعد فقد ورد في بعض النصوص: أن النساء قد شاركن في بناء المسجد، فكن يحملن الحجارة لبناء المسجد ليلا، والرجال نهارا (1).
ونشير هنا إلى أمرين:
أحدهما: إن مشاركة المرأة في أمر كهذا، له مساس بالحالة السياسية والاجتماعية والعبادية، يعتبر أمرا مهما جدا، إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن المرأة لم يكن لها أي دور في الحياة وكان العربي يحتقرها، ويمارس ضدها أبشع أنواع المعاملة، كما تقدمت الإلماحة إلى ذلك في