شملها، دون أن يكون في ذلك ما يبلغ بها غايتها في محمد " صلى الله عليه وآله وسلم " - لولا ذلك - لقتلته، وشفت ما بصدرها منه، ولكنها تركته، وانتظرت الأيام لتسوى حسابها معه (1) ".
ولقد كان حسابا عسيرا حقا، ولا سيما بعد أن أضاف إلى ذلك: أنه قتل رجالها، وجندل صناديدها، وبقي اليد الطولى لابن عمه يضرب بها هنا وهناك كل متكبر جبار، أين وأنى شاء. وقد بدأ هذا الحساب العسير فور وفاته " صلى الله عليه وآله وسلم "، وحتى قبل أن يغسل ويكفن ويدفن.
مقايسة:
قلنا: إن مبيت أمير المؤمنين هذا، قد ضيع الفرصة على قريش، وأفشل ما كانت دبرته في النبي " صلى الله عليه وآله وسلم "، وكان أيضا سببا لتمكين الدين، واعلاء كلمة الحق.
وأما أن يقاس ذلك بقضية ذبح إسماعيل. فلا يصح ذلك، لان إسماعيل قد استسلم لوالد شفيق رحيم، يجد في عطفه وحنانه ما يسليه عما ينزل به، ولا يجد منه أيا من أنحاء التنكيل، والقسوة والخشونة. أما علي " عليه السلام "، فإنما استسلم لعدوه الذي لا يرحمه. ومن لا يشفى غليله إلا سفك دمه، وصعت أقسى أنواع العذاب والتنكيل عليه، مع شماتة قاتلة، وحقد هائل.
وقد تكلم الإسكافي في نقضه لعثمانية الجاحظ، حول هذه القضية فراجعه (2). ولو أردنا استقصاء الكلام حول هذه النقطة لطال بنا المقام.