أمتك ولم يتبعك منهم إلا القليل أي يكونوا على ما أنت عليه من ترك ذلك فالمراد بالارتداد الرجوع عما هو الصواب وإتيانه بذلك وهو في المسجد ببيت المقدس وسيأتي ما يدل على أنه أتى له صلى الله عليه وسلم بذلك أيضا بعد خروجه صلى الله عليه وسلم منه قبل العروج قال صلى الله عليه وسلم واستويت على ظهر البراق فما كان بأسرع من أن أشرفت على مكة ومعي جبريل فصليت به الغداة ثم قال صلى الله عليه وسلم لأم هانىء بعد أن أخبرها بذلك أنا أريد ان أخرج إلى قريش فأخبرهم بما رأيت قالت أم هانىء فعلقت بردائه صلى الله عليه وسلم وقلت أنشدك الله أي بفتح الهمزة أسألك بالله ابن عم أي يا ابن عم أن تحدث أي لا تحدث بهذا قريشا فيكذبك من صدقك وفى رواية إني أذكرك الله عز وجل أنك تأتى قوما يكذبونك وينكرون مقالتك فأخاف أن يسطوا بك فضرب بيده الشريفة على ردائه فانتزعه من يدي فارتفع على بطنه صلى الله عليه وسلم فنظرت إلى عكنه أي طبقات بطنه من السمن فوق ردائه صلى الله عليه وسلم وكأنه طي القراطيس أي الورق وإذا نور ساطع عند فؤاده كاد يخطف بفتح الطاء وربما كسرت بصرى فخررت ساجدة فلما رفعت رأسي إذ هو قد خرج فقلت لجاريتى نبعة أي وكانت حبشية معدودة في الصحابة رضي الله عنها اتبعيه وانظرى ماذا يقول فلما رجعت أخبرتني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى إلى نفر من قريش في الحطيم هو ما بين باب الكعبة والحجر الأسود وفى كلام بعضهم بين الركن والمقام سمى بذلك لأن الناس يحطم بعضهما بعضا فيه من الازدحام لأنه من مواطن إجابة الدعاء قيل ومن حلف فيه آثما عجلت عقوبته وربما أطلق كما تقدم على الحجر بكسر الحاء وأولئك النفر الذين انتهى صلى الله عليه وسلم إليهم فيهم المطعم بن عدي وأبو جهل بن هشام والوليد ابن المغيرة فقال صلى الله عليه وسلم إني صليت الليلة العشاء أي أوقعت صلاة في ذلك الوقت في هذا المسمجد وصليت به الغداة أي أوقعت صلاة في ذلك الوقت وإلا فصلاة العشاء لم تكن فرضت وكذا صلاة الغداة التي هي الصبح لم تكن فرضت كما تقدم وأتيت فيما بين ذلك بيت المقدس أي لا يقال كان المناسب لذلك أن يقول وأتيت في لحظة أو ساعات وعلى ما تقدم فيما بين ذلك ببيت المقدس ولم يوسع لهم الزمن لأنا نقول وسع لهم الزمن لأن الطباع لا تنفر منه نفرتها من تلك فليتأمل
(٨٧)