منسجما مع نظرتهم ومع ما يعتبرونه من القيم لهم. فإن غايتهم وهدفهم هو الدنيا، وعلى أساس وجدانها وفقدانها يقيمون الأشخاص والمواقف، فيحترمون أو يحتقرون.
وإذا كان علي أبا تراب، ولا يهتم بالدنيا، ولا يسعى لأن ينال منها إلا ما يحفظ له خيط حياته، انطلاقا من الواجب الشرعي، ويبلغه إلى أهدافه التي رسمها الله سبحانه له، فإن بني أمية سوف يرونه فاقدا للعنصر الأهم الذي يكون به المجد الباذخ، والكرامة والسؤدد بنظرهم، ويصبح من الطبيعي أن يعيروه بكنية من هذا القبيل، فإن ذلك هو الذي ينسجم كل الانسجام مع غاياتهم ونظرتهم تلك التي تخالف الدين، والقرآن، ولا تنسجم مع الفطرة السليمة والمستقيمة.
2 - لماذا السرايا:
لقد عرفنا فيما سبق أن بعض تلك السرايا كان هدفه الاستطلاع، ومراقبة تحركات قريش في المنطقة.
وبعض آخر كان هدفه تعقب المغيرين على سرح المدينة، كتعقبهم لكرز بن جابر.
وعرفنا أيضا: أن تلك السرايا، التي لم يلق المسلمون فيها كيدا، قد جرأت المسلمين، وأعادت لهم الثقة بأنفسهم، وأعذتهم ليواجهوا - على قلة العدد و العدة - ألف فارس من قريش، وهي في أوج خيلائها وعزتها، ولم يعد ذلك مفاجأة للمسلمين، ولا مرهبا لهم.
ولكننا مع ذلك نرى أن علينا أن لا نقنع بما ذكر، وأن علينا أن نعيد النظر بدءا وعودا لنعرف الجديد مما كانت تهدف إليه تلك السرايا التي كان الهدف المعلن لها هو اعتراض عير قريش. والذي يلفت نظرنا هنا هو الأمران التاليان: