إلا أن يقال: إن من الممكن أن يكونوا قد ائتمروا أن يفعلوا به ذلك أكثر من مرة، فأخبر الله تعالى نبيه بذلك، ثم عزموا على تنفيذ مؤامرتهم في وقت متأخر. ولعل الرواية المذكورة انفا تؤيد ذلك.
مع أية الغار:
قال تعالى: (إلا تنصروه، فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا، ثاني اثنين إذ هما في الغار، إذ يقول لصاحبه لا تحزن، إن الله معنا، فأنزل الله سكينته عليه، وأيده بجنود لم تروها، وجعل كلمة الذين كفروا السفلى، وكلمة الله ير العليا، والله عزيز حكيم) (1).
ربما يقال: إن هذه الآية تدل على فضل أبي بكر، لأمور:
منها: أنه عبر عن أبي بكر بأنه ثاني اثنين. بدعوى أنه أحد اثنين في الفضل، ولا فضل أعظم من كون أبى بكر قرينا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
ومنها: أنه جعل صاحبا للنبي " صلى الله عليه وآله وسلم "، والصحبة في هذا المقام العظيم منزلة عظمي.
ومنها: أن النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " قال له: " إن الله معنا " أي أنه معهما بلحاظ نصرته ورعايته، ومن كان شريكا للنبي " صلى الله عليه وآله وسلم " في نصرة الله له، كان من أعظم الناس.
ومنها: قوله تعالى: فأنزل الله سكينته عليه؟ فإن السكينة قد أنزلت على أبي بكر؟ لأنه هو المحتاج إليها، لما تداخله من الحزن، دون النبي " صلى الله عليه وآله وسلم ": لأنه عالم بأنه محروس من الله سبحانه