ومع عدم الدليل على خروج بعض الأفراد لا بد من الحكم عليه (1) بالبقاء تحت الاطلاق، والمتيقن خروج الفرد الثاني (2) ولا دليل على خروج غيره ومنه الفرد الأخير، فلا بد من الحكم عليه بوجوب الكفارة عليه، سواء قلنا بوجوب الصوم عليه أم قلنا بعدم وجوبه، وليس خروج ما خرج من ذل المطلق لأجل عنوان عدم وجوب الصوم حتى يحصل الخروج في كل مورد صدق عدم وجوب الصوم، فيتكلم في أن هذا الشخص هل يجب عليه الصوم أم لا؟ ويبتنى على المسألة الأصولية.
هذا كله مع تسليم شمول المطلقات من حيث الانصراف لهذا الفرد (3).
وأما مع منعه - كما تقدم - (4) فلا فرق في عدم وجوب الكفارة بين القول بوجوب الصوم عليه وبين القول بعدمه، فتدبر.
وأما في النظر: فلأن لهؤلاء أن يقولوا: إنا لا نقول بالتنافي بين عدم التكليف ووجوب الكفارة لمخالفة الوجوب الظاهري، لكن نقول: القدر الثابت من أدلة الكفارة هو وجوبها على من وجب عليه الصوم في الواقع، وأما من لم يجب عليه واقعا فلم تدل تلك الأدلة على وجوب الكفارة، فيبقى تحت الأصل.
وبعبارة أخرى: الكفارة مختصة بذنب خاص، وهو ترك الصوم ومخالفة أوامر الصوم، والشخص المذكور لم يخالفها، وإنما خالف الأدلة الدالة على وجوب العمل بمقتضى الاعتقاد حيث أنه اعتقد في أول النهار أنه سالم عن الأعذار إلى الغروب، فاعتقد وجوب الصوم عليه، وقد تقرر أنه يجب العمل بمقتضى الاعتقاد في الأحكام الشرعية وموضوعاتها، فلا يعاقب هذا الشخص