أقام بالنجف سبعا وعشرين سنة وبضعة أشهر ثم عاد لجبل عامل أثناء سنة 1279 ودخل دمشق بدخول سنة الثمانين ثم ارتحل منها للخيام فمكث فيها عاما أو بعض عام وشخص عنها للطيبة بلدة آبائه وأجداده بطلب من علي بك ومحمد بك الأسعدين ومكث بها أربع سنين وأياما ثم توفي.
وقال الشيخ سليمان ظاهر في الجزء الثاني من كتابه ديوان الشعر العاملي المنسي:
تلقى مبادئ العلم في البلاد وبعد وفاة والده بعامين اي سنة 1252 ارتحل إلى العراق وأقام زهاء عشرين سنة وتخرج باجلة علماء النجف من أسرتي آل الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء وآل القزويني وبرع في نظم الشعر وتعرف بعظماء الدولة العثمانية من ولاة القطر العراقي وبعظماء الدولة الإيرانية الذين كانوا يأتون للزيارة وبمشاهير علماء العرب والفرس وسير فيهم مدايحه وبالجملة فان حياته الأدبية جعلت له شهرة واسعة في زمانه ولم تكن منزلته في الشعر المعروف والمتداول في ذلك العصر دون منزلته في النثر البديع فكان يتولى أمور الكتابة عن شيوخ العلم خطابا وجوابا وله اليد الطولى في التاريخ والقدح المعلى في التخميس النفيس والتشطير الأثير ومما يذكر ان مزية التجويد في الشعر انتقلت من جده الشيخ إبراهيم بن يحيى إلى فرع بيته ودونهم في هذه المزية بنو عمه آل نصر الله ابن الشيخ إبراهيم بن يحيى فأبوه شاعر وهو شاعر مفلق وابنه الشيخ عبد الحسين شاعر مفلق انتهى.
مشائخه قرأ على الشيخ حسن بن الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء وأخيه الشيخ مهدي وعلى الشيخ مرتضى الأنصاري ويروي عنهم بالإجازة.
مؤلفاته له منظومة في الفقه تناهز أبياتها ألفا وخمسمائة بيت شرح منها ثلاثين بيتا من كتاب الطهارة وأول المنظومة:
الماء إما مطلق وذاك ما * يسبق للفهم متى ما قيل ما شعره ارسل إلينا ولده حين طلبنا منه شيئا من شعره يقول:
اما شعره فبعثر بالعراق وعزب عنا علمه فتعذر علينا جمعه وما عندنا منه سوى نزر قليل منه هذه القوافي المرسلة انتهى ونحن قد رأينا في القديم مجموعة بخطه عند ولده فيها جميع شعره كما رآها غيرنا والله أعلم أين ذهبت. وخطه في غاية الجودة وهو شاعر مكثر مجيد فمن شعره قوله يمدح مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع:
أشاقك من ربى نجد هواها * ومن نسمات كاظمة شذاها ونبه وجدك المكنون برق * تألق في العشية من رباها نعم والم بي سحرا نسيم * يحدث عن شذا وادي قراها فالمني وذكرني عهودا * بعامل لا عدا السقيا ثراها بلاد لي بساحتها أناس * ولي صحب كرام في حماها أحن لجانب الشرقي منها * حنين مروعة ثكلت فتاها وتلعب بي لذكراها شجون * كما لعبت برياها صباها واشتاق الخيام وثم صحبا * عليه راح مزرورا خبأها نعمت بقربها زمنا ونفسي * برغم الحلم تمرح في غواها فكم من كاعب ألفت فباتت * تمج الكاس عذبا من لماها وكم هرعت لتلك وكم أقامت * بسوق اللهو طارحة عصاها وكم قطعت هنالك من ثمار * لعمر العز عذب مجتناها بحيث العيش صفو والليالي * غوافل راح مأمونا قضاها ولما أن رأيت الجهل عارا * وان العمر أجمله تناهى وان النفس لا تنفك تسعى * إلى الشهوات فاغرة لهاها رددت جماحها فارتد قسرا * وألوت عن كثير من شقاها و حركني إلى الترحال عنها * عزائم قد أبت الا قلاها فهبت بي لما ابغي عصوب * تلف الأرض لفا في سراها معودة على أن لا تبالي * بفري مفاوز ناء مداها كستها عزمة الرائي شحوبا * وتدآب السرى عنقا براها إذا ما هجهج الحادي واضحت * تثير النقع من طرب يداها وأمست بعد ارقال وخب * تغافل وهي نافخة براها يخيل لي بان البر بحر * يسارع في المسيل إلى وراها إلى أن أمت الأعتاب أبدت * رغاها تشتكي نصبا عراها وقد لاحت لعينيها قباب * يرد الطرف عن بادي سناها هنالك قرت الوجناء عينا * ونالت بالسرى اقصى مناها وانحت جانب الغروي شوقا * يجاذبها لما تبغي هواها فوافت بعد جد خير أرض * يضاهي النيران سنا حصاها فألقت في مفاوزها عصاها * وأرست في ذرى حامي حماها أبي الحسنين خير الخلق طرا * وأكرم من وطأها بعد طاها وأعظم من نحته النيب قدرا * وأشرف من به الرحمن باهى وأطيب من بني الدنيا نجارا * وأقدم مفخرا وأتم جاها وأصبرها على مضض الليالي * وابصرها إذا عميت هداها وأحلمها إذا دهمت خطوب * تطيش لها حلوم ذوي نهاها وانهضها بأعباء المعالي * إذا عن نيلها قصرت خطاها وأشجعها إذا ما ناب أمر * يرد الدارعين إلى وراها وان هم أوقدوا للحرب نارا * أحال إلى لظاها من وراها وان طرقت حماها مشكلات * وارزم في مرابعها رجاها جلاها من لعمري كل فضل * إلى قدسي حضرته تناهى امام هدى حباه الله مجدا * وأولاه علاء لا يضاهى وبحر ندا سما الأفلاك قدرا * فدون مقامه دارت رحاها وبدر علا لأبناء الليالي * سناه كل داجية محاها متى ودقت مرابعها غيوث * فمن تيار راحته سخاها أو اجتازت مسامعها علوم * فزاخر فيض لجته غثاها وان نهجت سبيل الرشد يوما * فمن أنوار غرته اهتداها وثم مناقب لعلاه أمست * يد الاحصاء تقصر عن مداها وانى لي بحصر صفات مولى * له الأشياء خالقها براها وما مدحي وآيات المثاني * على علياه مقصور ثناها أخا المختار خذ بيدي فاني * غريق جرائم داج قذاها وعدل في غد أودي لاني * وقفت من الجحيم على شفاها وكف بفضلك الأسواء عني * فقد اخنى على جلدي أذاها