فتى ترد الاعلام ابحر علمه * فتصدر عنها وهي منها نواهل وينخزل الغيث الركام عن الورى * وراحته في الشرق والغرب وابل توجه تلقاء العلوم فضمها * إليه كما ضم الأنابيب عامل إشاراته فيها الشفا من العمى * وتلويحه فيه الفصول الفواصل خبير بتحرير القواعد سالك * مسالك مأثور الشرائع فاصل بصير بتهذيب الأصول موكل * بايضاح ما قد أضمرته الأفاضل حري بتسهيل الفوائد مظهر * لباب المعاني حيث تخفي المسائل ينادي باسرار البلاغة لفظه * فيظهر للاعجاز فيه دلائل جواد جرى والغيث في حلبة الندى * فغبر في وجه الحيا وهو هاطل وما هو الا كعبة الدين والهدى * فلا غرو ان حجت إليه القبائل فان أنكر الحساد باهر فضله * فكم أنكر الصبح المبين غافل وما ضر من كانت أسافل مجده * رؤوس المعالي ما تقول الاسافل حسيب نسيب أصبح الكون مشرقا * باسلافه وهي البدور الكوامل هم النفر البيض الذين بنورهم * تزين ساق العرش إذ هو عاطل وهم خير هذا الخلق من غير شبهة * وأفضل من تعزى إليه الفضائل رواجبهم للوافدين موائد * وراحاتهم للواردين مناهل وراجيهم في ذروة الفوز صاعد * وضيفهم من جانب الأفق نازل وآثارهم للسائرين معالم * واسماؤهم للسائلين وسائل حماة كماة ينزلون إلى الوغى * فرادى ومثنى والمنون نوازل إذا خفقت اعلامهم فوق فيلق * رأيت جنود الله فيه تقاتل ملوك لهم في غامض العلم صارم * صقيل له الامر الإلهي حامل كأني به من ذلك الغمد مصلتا * يصول به رب السما وهو فاصل الا يا ربيع المجدبين ومن به * تلوذ اليتامى حسرا والأرامل ويا علم العلم الإلهي والذي * أقام قناة الدين والدين مائل ليهنك يا غصن النبوة حلة * من المجد فيها للنبي شمائل نثرت من العلم النفيس جواهرا * على الناس حتى ليس في الأرض جاهل وقلدت أعناق الأنام قلائدا * من الفضل حتى ليس في الناس عاطل ودونكها غراء كالبدر قابلت * علاك فأمسي وجهها وهو كامل وردتك يا بحر المكارم صاديا * فلا غرو ان اهدى لك الحمد ناهل وقال يرثي شيخه السيد أبا الحسن المذكور المتوفى سنة 1194 ويعزي ولديه السيد محمد الأمين والسيد حسين:
أ تعجب من دمعي السخي إذا جرى * لانت خلي ما سمعت بما جرى أ لم تر ان المجد جب سنامه * وان فؤاد المكرمات تقطرا وان رياض الفضل صوح نبتها * وكان لعمري بالفضائل مزهرا وان عقود العلم من بعد جيدها * أبي الحسن الماضي محللة العرى فقدنا به بدر السماء ونوره * يشق الدياجي والربيع منورا فدمعي ياقوت وقد كان لؤلؤا * وفودي كافور وقد كان عنبرا فيا قبره وأريت منه مهندا * صقيلا باسرار العلوم مجوهرا ويا قبره وأريت والله موردا * لكل جميل في الوجود ومصدرا ويا قبره وأريت أفضل عالم * تستر نور العلم لما تسترا ويا قبره وأريت شمسا منيرة * بها كان ينجاب الظلام عن الورى فديت الذي أمسى رهين جنادل * ظفرن بخير الناس مرءا ومخبرا فديت الذي أمسى رهين جنادل * سلبن من العافين منتجع القرا وما كنت أدري قبل ما غاب بينها * محياه ان البدر يغرب في الثرى فمن لأصول الدين يفصح روحها * بتحقيقه حتى ترى الحق مزهرا ومن لمعاني الذكر يبدي بديعها * باورى زناد في البيان وأسورا ومن لأحاديث النبي وآله * يميط غطاها موضحا ومقررا ومن لفنون النحو يبدي عويصها * ويظهر من معناه ما كان مضمرا ومن للمعاني والبيان مبين * بأفصح ما قال البليغ وأحصرا لقد أصبح الدين الحنيفي بعده * ذليلا فيا لله من حادث عرا تحول عن دار الشقاء مكرما * وصار إلى دار النعيم مطهرا وما زال ذاك النور حتى أفادنا * هلالين بل بدرين لن يتسترا ولا جف ذاك البحر حتى أفادنا * بوبلين بل بحرين لن يتكدرا رضيعي لبان العلم والحلم والندى * وأفضل من فوق البسيطة عنصرا لقد زال عنا بالأمين وصنوه * حسين فولى الحزن عنا وأدبرا لقد لبس الاسلام بعد أبيهما * قميصا بياقوت الدموع مزررا فقد البساه ثوب عز لمثله * تواضع كسرى وانحنى عرش قيصرا سرور أتانا بعد حزن كما دجا * ظلام فلاح الصبح يضحك مسفرا حسودهما خفض عليك فقلما * ترى الأفق الاعلى من النور مقفرا أعزيكما عن خير حي وميت * وإن كنتما بالصبر أحرى وأجدرا ولا زلتما كالشمس في رونق الضحى * وكالبدر في برج السعادة مبدرا ودونكماها يا خليلي ثاكلا * تحن حنين العود أجهضه السرى سقى الله مثواه سحائب رحمة * واردفها من ريق العفو أبحرا ولا زالت الأرياح تنشر فوقه * لطائف مسك طيب النشر أذفرا وقال يمدح الأمير أبا حمد محمود بن نصار أخا الأمير الشيخ ناصيف بن نصار من آل علي الصغير امراء جبل عامل:
نظرت إلى هذا الأنام فلاح لي * بان الورى أهل الحلوم العوازب وما سرني في سالف الدهر كاذب * من الظن الا ساءني في العواقب سأرحل عن دار الهوان وأهلها * فليس مقام السوء ضربة لازب وغانية مثل الهلال تركتها * وأدمعها تنهل فوق الترائب تقول إلى من تقطع البر صاديا * فقلت إلى محمود بحر المواهب أبي حمد حامي البلاد ومن جرى * ندى كفه في شرقها والمغارب جواد جرى في حلبة المجد سابقا * فغادر عين المال من غير حاجب أنامله في الحرب خمس صواعق * وفي السلم لا تنفك خمس سحائب لعمرك ما أنساه يوم تألبت * عليه الأعادي من فتى وشائب رماحهم مثل الأفاعي وخيلهم * تدب على وجه الثرى كالعقارب أغار على جيرانهم فتواثبت * إليهم حماة الحي من كل جانب وثار لهم من آل نصار عصبة * على كل معروق الجناحين شازب هم الأسد فالخطي في الروع غابهم * وأسيافهم محمرة كالمخالب وقائعهم سود وسمر رماحهم * من الغارة الشعواء حمر الذوائب جيادهم ان أظلم النقع أضرمت * سنابكها للقوم نار الحباحب يكاد ظلام النقع فوق رؤوسهم * يواريهم لولا ضياء المناقب بدور كمال في بروج منيفة * تصول بأمثال النجوم الثواقب فأقلقهم وقع الحسام وأدبروا * يروعون من أسد الشري كالثعالب كأني بهم عند المضيق وقد هوى * هنالك رأس القوم من غير ضارب جواد تردى عن جواد مطهم * وما زال ظهر البغي شر المراكب فلست ترى إلا سلاحا على الثرى * وخيلا بها فقر إلى كل راكب