مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٢١٤
قريبا من بحيرة طبريا بفلسطين، وجرى من الأحداث مما ليس هنا مكان تفصيله.
ولكن لا بد من القول أن حسان بن مفرج قد توسل بعد ذلك لتحقيق مآربه الانفصالية، بالاستنجاد بالبزنطيين على الفاطميين.
ويبدو جليا أن التهامي حين اعتقل في القاهرة كان يحمل رسائل من حسان لتحريض بني قرة على مشاركته في الثورة، كما يبدو من وصف ابن خلكان للرسائل بأنها كثيرة، أن تلك الرسائل كانت موجهة إلى غير بني قرة أيضا ممن يأمل حسان بن مفرج مشاركتهم وبالرغم من استخفاء التهامي فقد كشفته عيون الانفصالية، بالاستنجاد بالبيزنطيين على الفاطميين.
والتهامي منسوب إلى تهامة الواقعة بين الحجاز واليمن، وتطلق أيضا على مكة، ويتساءل ابن خلكان عما إذا كان الشاعر منسوبا إلى المكان الأول أم إلى المكان الثاني.
ونحن حين ننشر ترجمته هنا، فلأن صاحب الأمل وصاحب نسمة السحر ذكرا تشيعه، وتبعهما صاحب تكملة الأمل، وعليهم وحدهم العهدة في ذلك.
وفيما يلي ما كتبه عنه الدكتور عمر تدمري:
في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري العاشر ميلادي قام أبو الحسن علي بن محمد بن فهد التهامي من أهل تهامة الواقعة بين الحجاز واليمن، برحلة زار فيها الشام والعراق وفارس، ونزل فلسطين مدة حيث ولي الخطابة في المسجد الجامع بمدينة الرملة، ثم دخل في آخر رحلته مصر مستخفيا وهو يحمل كتبا كثيرة من حسان بن مفرج بن دغفل أمير بني طيء الخارج على الدولة الفاطمية إلى بني قرة، فظفر به الفاطميون وأودعوه السجن خزانة البنود بتهمة التآمر والعمل على طلب الملك لنفسه، ثم قتل سرا داخل سجنه في التاسع من جمادى الأولى سنة 416 ه. 1025 م (1) ويكاد التهامي أن يكون الشاعر الحجازي الوحيد الذي قام برحلة من بلاده وطوف في العراق والشام وفارس وغيرها، وتكسب بشعره، فمدح الأمراء والأعيان المعاصرين له في المدن التي دخلها، على طريقة غيره من غالب شعراء العصر الوسيط.
ونحن في هذه الدراسة للشاعر التهامي لا تستوقفنا حياته ولا أغراض شعره، ولا إظهار محاسنه أو مواطن ضعفه، فهذا لا يدخل في اختصاصنا، فقد كفانا الباحثون مؤونة هذا النوع من الدراسة. ولكن الذي يعنينا هو المعلومات التاريخية التي تتوفر، ولو في نقاط موجزة، أو إشارات عابرة، في دواوين الشعراء، وغالبا ما تكون تلك المعلومات نادرة المثال، وخاصة ما يتعلق منها بتاريخ ساحل الشام في العصر الاسلامي. وهذه حقيقة يجب على كل باحث لتاريخ هذه المنطقة أن يأخذها باعتباره، فلا يسقط من مصادره الأساسية دواوين الشعراء، خصوصا إذا كان أولئك الشعراء من الرحالة، حيث يوضع شعرهم في خدمة التاريخ.
فالشاعر التهامي تنقل في رحلته بين مكة، ودمشق، وبغداد، والري، والموصل، وآمد، وميافارقين، والكوفة، والأنبار، وحلب، وطرابلس الشام، وصور، والرملة، والقاهرة، في وقت كان فيه الشرق العربي يخضع لنفوذ دولتين هما: الدولة الفاطمية في مصر، والدولة السلجوقية في العراق، وهما تتجاذبان السيطرة والنفوذ على بلاد الشام، فيما الدولة البيزنطية تتحين الفرص للوثوب على سواحل الشام وأطرافها الشمالية المتاخمة لممتلكاتها في آسية الصغرى، حيث دولة بني حمدان. كان هذا هو الواقع السياسي العام في المشرق العربي. أما الواقع السياسي الخاص في ساحل الشام، وبشكل أخص ما يطلق عليه الآن اسم لبنان، فقد كان بكل مدنه وقراه الساحلية خاضعا للخلافة الفاطمية، بينما كانت دمشق والمناطق الداخلية خاضعة للنفوذ السلجوقي.
وكان البيزنطيون يعملون على استغلال ذلك الصراع بين الدولتين ليمدوا نفوذهم إلى بلاد الشام الشمالية، وبعض المدن الساحلية، ويؤلبوا أمراءها وولاتها على الخلافة الفاطمية، وهذا ما فعلته مع كل من مدن: حلب، وطرابلس، وصور.
وفي ديوان أبي الحسن التهامي إشارات ولمحات يمكن أن تخدم بعض المعلومات التاريخية وغيرها، أو تؤكدها. وبما أن دراستنا تقتصر على نطاق ساحل الشام الذي يشتمل جغرافيا على لبنان، فإننا يمكن أن نضع تاريخا تقريبيا لدخول التهامي مدينة طرابلس، وهو يقع في الفترة بين سنتي 385 402 ه. 995 1011 م. وهي الفترة التي برز فيها على مسرح الأحداث دور قاض من أهل مدينة طرابلس يدعى أبو الحسين علي بن عبد الواحد بن حيدرة، وكان هذا القاضي من أهم شخصيات المدينة الذين التقاهم التهامي ومدحهم بشعره.
ففي الديوان:
قصيدتان في مدح القاضي أبي الحسن علي بن حيدرة صفحة 10.
وقصيدة واحدة في مدح أبي يحيى محمد بن حيدرة صفحة 15.
وقصيدة واحدة في مدح أبي محمد حسين بن حيدرة صفحة 111.
وثلاث قصائد في مدح أبي القاسم هبة الله بن حيدرة صفحة 160 و 175 و 183.
ومن الواضح أن القصائد اقتصرت فقط على بعض أفراد أسرة بني حيدرة الطرابلسيين، وليس في الديوان أي قصيدة أخرى بحق غيرهم من أهل طرابلس.
وهناك قصيدة واحدة بحق أحد الشخصيات في مدينة صور، هو محمد بن سلامة، حتى أن هذه المعلومة كاد يعتريها الشك، لولا ما جاء في أبيات القصيدة. فقد جاء في الديوان صفحة 1115 هذا العنوان:
وقال يمدح أبا محمد بن الحسن بن الجواد في الكوفة، ويقال في محمد بن سلامة بصور.
وجاء في بعض أبيات القصيدة صفحة 117:
حسن الشمائل أوحد في حسنه * كمحمد بن سلامة في جوده البحر بعض حدوده والفضل بعض * شهوده والنصر بعض جنوده

(1) لم يكن الملك لنفسه، بل هو رسول حسان بن مفرج، كما يذكر الكتاب نفسه (ح).
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370