مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٢١٢
قال الصولي: قام من مرضه وقد اجتمعت الكتب والرقاع عنده فنظر في ألف كتاب، ووقع على ألف رقعة، فقلنا: بالله لا يسمع بهذا أحد، خوفا من العين عليه.
قال الصولي: ورأيت من أدبه أنه دعا خاتم الخليفة ليختم به كتابا، فلما رآه قام على رجليه تعظيما للخلافة، قال: ورأيته جالسا للمظالم، فتقدم إليه خصمان في دكاكين بالكرخ، فقال لأحدهما: رفعت إلى قصة في سنة اثنتين وثمانين ومائتين في هذه الدكاكين، ثم قال: سنك يقصر عن هذا، فقال له: ذاك كان أبي، قال: نعم وقعت له على قصة رفعها.
وكان إذا مشى الناس بين يديه غضب وقال: أنا لا أكلف هذا غلماني فكيف أكلف أحرارا لا إحسان لي عليهم.
وقتل نازوك صاحب الشرطة أبا الحسن بن الفرات المذكور وابنه المحسن يوم الاثنين لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الآخر، سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة.
وكان عمر ابنه المحسن يوم قتل ثلاثا وثلاثين سنة.
قال الصاحب أبو القاسم بن عباد: أنشدني أبو الحسن بن أبي بكر العلاف قصائد أبيه أبي بكر في الهر وقال: إنما كنى بالهر عن المحسن بن أبي الحسن بن الفرات أيام محنتهم، لأنه لم يجسر أن يذكره ويرثيه.
وكان أبو العباس أحمد بن محمد بن الفرات أخو أبي الحسن المذكور أكتب أهل زمانه، وأضبطهم للعلوم والأدب، وللبحتري فيه القصيدة المشهورة التي أولها:
بت أبدي وجدا وأكتم وجدا * لخيال قد بات لي منك يهدي وتوفي أبو العباس المذكور ليلة السبت منتصف شهر رمضان سنة إحدى وتسعين ومائتين.
وأما أخوه أبو الخطاب جعفر بن محمد فإنه عرضت عليه الوزارة، فأباها، وتولاها ابنه أبو الفتح الفضل بن جعفر، وكان كاتبا مجودا، وهو المعروف بابن حنزابه، وهي أمه، وكانت جارية رومية، قلده المقتدر بالله الوزارة يوم الاثنين لليلتين بقيتا من ربيع الآخر سنة عشرين وثلاثمائة، وقيل:
خلع عليه في أول شهر ربيع الآخر سنة عشرين وثلاثمائة، والله أعلم، ولم يزل وزيره إلى أن قتل المقتدر لأربع بقين من شوال سنة عشرين وثلاثمائة، وتولى الخلافة أخوه القاهر بالله، فاستتر أبو الفتح بن حنزابه، فولى القاهر أبا علي محمد بن علي بن مقلة الكاتب الوزارة، ثم تولى أبو الفتح الدواوين في أيام القاهر أيضا، وخلع القاهر وسملت عيناه في يوم الأربعاء لست خلون من جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة.
وولي الخلافة الراضي بالله بن المقتدر بالله المقدم ذكره، فقلد أبا الفتح بن حنزابه الشام، فتوجه إليها، ثم إن الراضي بالله ولاه الوزارة، وهو يومئذ مقيم بحلب، وعقد له الأمر فيها يوم الأحد لثلاث عشرة ليلة خلت من شعبان من سنة خمس وعشرين وثلاثمائة، وكوتب بالمسير إلى الحضرة، فوصل إلى بغداد يوم الخميس لست خلون من شوال من السنة، فأقام ببغداد قليلا، فرأى الأمور مضطربة، وقد استولى الأمير أبو بكر محمد بن رائق على الحضرة، فتحدث أبو الفتح مع ابن رائق في أنه يعود إلى الشام، وأطمعه في حمل الأموال إليه من مصر والشام، فعاد إليها في الثالث عشر من شهر ربيع الأول سنة ست وعشرين، فأدركه أجله بغزة، وقيل: بالرملة، وجاءت الكتب إلى الحضرة بموته في يوم الأحد لثمان خلون من جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وثلاثمائة، وكان مولده في ليلة السبت لسبع ليال بقين من شعبان سنة تسع وسبعين ومائتين (1)، وكانت الكتب تصدر باسمه في الشام.
وترجمة ابن الفرات تترتب على قضية ابن المعتز فلا بد من ذكر شئ من أحوالها، وأصح التواريخ نقلا تاريخ أبي جعفر محمد بن جرير الطبري، فنذكر ما قاله في حوادث سنة ست وتسعين ومائتين: إن القواد والكتاب اجتمعوا على خلع الخليفة المقتدر، وتناظروا فيمن يجعلونه موضعه، فاجتمع رأيهم على عبد الله بن المعتز، وناظروه في ذلك، فأجابهم إليه على أنه لا يكون في ذلك سفك دم ولا حرب، فأخبروه أن الأمر يسلم إليه عفوا، وأن جميع من وراءهم من الجند والقواد والكتاب قد رضوا، فبايعهم. على ذلك، وكان الرأس في ذلك محمد بن داود بن الجراح وأبا المثنى أحمد بن يعقوب القاضي، وواطأ محمد بن داود جماعة من القواد على الفتك بالمقتدر والعباس بن الحسن.
قلت: وكان وزير المقتدر يومئذ قال الطبري: وكان العباس بن الحسن على ذلك قد واطأ جماعة من القواد على خلع المقتدر والبيعة لعبد الله بن المعتز، فلما رأى أمره مستوثقا له مع المقتدر على ما يحب بدا له فيما كان عزم عليه من ذاك، فحينئذ وثب به الآخرون فقتلوه، يعني الوزير المذكور، قال الطبري: وكان الذي تولى قتله الحسين بن حمدان ووصيف بن صوارتكين، وذلك يوم السبت لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأول، ولما كان من غد هذا اليوم، وذلك يوم الأحد، خلع المقتدر الكتاب والقواد وقضاة بغداد، وبايعوا عبد الله بن المعتز، ولقبوه بالراضي بالله، وكان الذي يأخذ البيعة له على القواد ويلي استحلافهم والدعاء بأسمائهم محمد بن سعيد الأزرق كاتب الجيش، وفي هذا اليوم كانت بين الحسين بن حمدان وبين غلمان الدار حرب شديدة من غدوة إلى انتصاف النهار، وفي هذا اليوم انفضت الجموع التي كان قد جمعها محمد بن داود لبيعة ابن المعتز عنه، وذلك أن الخادم الذي يدعى مؤنسا حمل غلمانا من غلمان الدار في الشذوات قلت: وهي عندهم المراكب قال: فصاعد بها وهم فيها في دجلة، فلما جاوزوا الدار التي فيها ابن المعتز ومحمد بن داود صاحوا بهم ورشقوهم بالنشاب، فتفرقوا وهرب من كان في الدار من الجند والقواد والكتاب وهرب ابن المعتز، ولحق بعض الذين بايعوا ابن المعتز بالمقتدر، فاعتذروا إليه بأنه منع من المصير إليه، واستخفى بعضهم، فطلبوا وأخذوا وقتلوا، وانتهبت العامة دور ابن داود، وأخذ ابن المعتز فيمن أخذ، انتهى ما ذكره الطبري في ذلك.
فنذكر ما قاله غيره، جمعته من مواضع متفرقة، حاصله أن عبد الله بن المعتز رتب للوزارة في ذلك اليوم محمد بن داود المذكور، وللقضاء أبا المثنى المذكور، فلما انتقض أمره وأخذ ابن المعتز استتر ابن داود، وكان من فضلاء

(1) في سنة تسع وعشرين ومائتين محرفا.
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370