الأطعمة والمواد الغذائية، وأهميتها في شفاء بعض الأمراض، وهذه ظاهرة جديرة باهتمامنا، ولا سيما أن الطب الحديث اليوم يتجه إلى التراث، ويعود إلى الأغذية والأعشاب لمعرفة خواصها، وفوائدها، وطرق الاستفادة منها للمعالجة بها، على أنها وسائل طبيعية بديلة تستغني عن العقاقير، التي إن أفادت في شفاء مرض ما، فإنها تترك أثرها السام في أعضاء أخرى من الجسم.
ثالثا: يعطي الاطلاع على الأطعمة والأغذية وأنواعها، ومدى اهتمام الناس بها في فترة زمنية ما، وفي عصر معين صورة عن الحياة الاجتماعية لهذا العصر، والكتاب يكشف لنا عن تفنن أهل القرنين السادس والسابع الهجريين، ولا سيما في مدينة حلب، في فن الطهي، وأفانين الطعام، ما كان منه أساسيا كالخبز والمعجنات، وما كان كماليا كالمخللات والمقبلات وغيرها، ويصور مطبخا عربيا غنيا مسرفا في البذخ والإنفاق، وتناول المطيبات من المأكولات والتعطر بالفاخر من الطيب، ولا شك أن المطبخ الذي يصفه المؤلف أو ذلك المعمل الذي كان ينتج تلك الأنواع من اللحوم والأطعمة المعجونة بالفستق واللوز، والقطائف التي تتسايل جوذاباتها سمنا وعسلا، ليس معملا عاما لفئات الشعب كافة بل هو لفئة خاصة ثرية مما يدل على سمة من سمات ذاك المجتمع.
رابعا: يشير الكتاب إلى الأدوات المستعملة في الطهي والمواد الداخلة في تركيب أصناف الأغذية والعطور والصابون، وغير ذلك، مما يمكن أن يعطينا لمحة عن تاريخ التكنولوجيا في ذلك العصر، وقد تكون لها فائدة غير مباشرة لدراسة تاريخ التكنولوجيا في العصر الوسيط في بعض المجالات التي لم تصلنا فيها المعلومات الوافية.
خامسا: يتيح الكتاب للمرأة المعاصرة خصوصا وللقارئ عموما أن يطلع على مهارة المرأة العربية في هذا المجال ومدى تفننها في إعداد أنواع من الأغذية والأطعمة، وتوصلها إلى أجدى الطرق الصحيحة والصحية في حفظ أنواعها وادخارها وخاصة خلال القرنين السادس والسابع الهجريين، ويمثل هذا خلاصة القرون السابقة لها في مجالها.
إذن فهذا الكتاب في الفن المطبخي يشمل لمحات من الطب والصيدلة والصناعة والفن.
مخطوطاته:
المخطوطات المعروفة لهذا الكتاب حتى الآن عشر وهي:
1 الأحمدية في مدينة حلب.
2 الظاهرية في مدينة دمشق.
3 المتحف البريطاني في لندن.
4 استانبول في تركيا، مكتبة أحمد الثالث.
5 برلين في ألمانيا.
6 بتنه في الهند.
7 بنكيبور في الهند.
8 القاهرة في مصر.
9 الموصل في العراق.
10 حسين جلبي في بروسة أو بورسة في تركيا. وذكر الدكتور محمد عيسى صالحية في رسالة خاصة وجود مخطوطة أخرى برقم 445 معهد الدراسات الشرقية!؟.
ورد ذكر هذا الكتاب عند حاجي خليفة في كتابه كشف الظنون (1) مكتبة المثنى بغداد عن طبعة استانبول 1941 م.، دون ذكر اسم المؤلف، وعرفه بأنه: مختصر في المعاجين، ثم أورد فاتحته وقسما من المقدمة، على طريقته في ذكر الكتب، حيث قال: أوله الحمد لله الواحد القهار (2)... إلخ. قال صاحبه ولم أضع فيه شيئا إلا بعد أن ركبته مرارا وتناولته مدرارا، بدأ فيه بالطيب لشرف قدره.
وذكره بروكلمان في كتابه تاريخ الأدب العربي في الأصل الطبعة الألمانية.، وفي الذيل:
فأورده أولا في الأصل (3) باسم الوسيلة إلى الحبيب في وصف الطيبات والطيب، ووضع بين قوسين اسم الوصلة ونسبه إلى ابن العديم الحلبي، وذكر مخطوطتي برلين وبتنه، وأشار إلى وروده عند حاجي خليفة.
ثم ذكره ثانية (4) باسم وصلة الحبيب في وصف الطيبات والطيب ونسبه إلى من اسمه كمال الدين أبو القاسم عبد الدائم العقيلي الحبيب، وذكر مخطوطة بروسة وعاد فذكر مخطوطة بتنه.
وقد أضاف في الذيل (5) إلى مخطوطاته المذكورة عند ابن العديم مخطوطات المتحف البريطاني وبنكيبور والموصل، وذكر أن مخطوطة الموصل تنسبه إلى يحيى بن العظيم بن الجزار المتوفى سنة 679 ه 1281 م.
وذكره ككتاب مستقل (6) آخر منسوب إلى ابن أخ مجهول للملك الأشرف المملوكي 689 693 ه 1290 1294 م، استنادا إلى مخطوطة القاهرة الوحيدة (7)، ولم يذكر مخطوطة حلب ولا مخطوطتي دمشق واستانبول.
وتحدث الدكتور سامي الدهان عن مخطوطاته فقال (8): رأيناه في مكتبة برلين برقم 5463 وتاريخ 1000 للهجرة سنة 1946... ورأينا نسخة منه كذلك في القاهرة ودار الكتب المصرية رقم 74 علوم صناعية وتاريخه 703 ه، وضعه المفهرس في باب العلوم الصناعية. ومن هذا الكتاب نسخة في المكتبة الظاهرية بدمشق ومنه نسخة في الآستانة... كما أننا لم نجد على نسخة دار الكتب المصرية ونسخة الظاهرية نسبة إلى أحد.
يتألف الكتاب من مقدمة صغيرة وعشرة أبواب، ويبين المؤلف في المقدمة